
هل تخيلتم روبوتات تركل كرة القدم في أولمبيا القديمة؟ الخبر يبدو كفيلم خيال علمي! عند قراءتي له، تذكرت فورًا ابنتي الصغيرة تركض في الحديقة بعفوية بينما تنثر أوراق الخريف حولها. ورغم إعجابي بتلك العروض، فإنني فكرت فجأة: ما الفرق الجوهري بين حركاتها الحرة وحركات الروبوتات “المتصلبة”؟
ما الحقيقة وراء عرض روبوتات الذكاء الاصطناعي المبهر في أولمبيا؟

دعونا نرسم الصورة أولاً: روبوتات شبيهة بالبشر، تقف في مكان تاريخي عظيم، تمارس الملاكمة، وتلعب كرة القدم. لكن خلف هذا العرض المبهر، هناك حقيقة أكثر واقعية. هذه الروبوتات كانت تتحرك بعزم “متقطع”، وكانت تتوقف أحيانًا لتغيير بطارياتها. هذا ليس فشلاً على الإطلاق، بل يوضح لنا بصدق حجم التحدي الهائل الذي يواجه المهندسين. كل حركة، مهما بدت بسيطة، هي نتاج ساعات لا تحصى من العمل الجاد. الأمر يشبه تماماً مشاهدة طفل صغير يتعلم المشي؛ خطواته مترددة، وقد يسقط أحياناً، لكن كل خطوة هي انتصار صغير يستحق الاحتفال به. يُذكّرنا هذا بالخير القادم عندما نرى تخطينا للعقبات معاً.
لماذا تتفوق البشرية على روبوتات الذكاء الاصطناعي حتى الآن؟

الرغم من التقدم الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي – فكروا في تطبيقات مثل ChatGPT التي يمكنها كتابة الشعر وتحليل البيانات في ثوانٍ – إلا أن “أبناء عمومتها” الجسديين، أي الروبوتات، لا يزالون متأخرين بسنوات ضوئية. لا ننكر المخاوف التي تنتابنا كآباء عند الحديث عن التكنولوجيا، لكن ماذا لو ركزنا على ما لا تستطيع الآلات استبداله؟
البروفيسور كين غولدبيرغ من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، يقدم لنا إجابة مذهلة. هو يتحدث عن “الفرق الشاسع”. ما يعنيه هذا ببساطة هو أن الذكاء الاصطناعي يتعلم من كمية هائلة من البيانات الرقمية (النصوص والصور الموجودة على الإنترنت). أما الروبوتات، فيجب أن تتعلم من خلال التجربة الجسدية في العالم الحقيقي، وهذه العملية أبطأ وأكثر تكلفة وصعوبة بشكل لا يصدق.
لتبسيط الأمر، تخيلوا أن تعلم الذكاء الاصطناعي يشبه قراءة كل كتب الطبخ في العالم في ثانية واحدة. أما تعلم الروبوت فيشبه محاولة خبز كعكة لأول مرة بالفعل: ستحرق يدك، وستسكب الطحين، وستتعلم من خلال الفوضى. هذا التشبيه دقّق في جوهر الأمر! أطفالنا يتعلمون كل يوم من خلال “الفوضى” الجميلة للحياة اليومية، وهذا ما يمنحهم ميزة لا تقدر بثمن.
كيف تنتقل روبوتات الذكاء الاصطناعي من الفضاء إلى منازلنا؟

هناك مقولة رائعة وردت في الأخبار من ميناس لياروكابيس، منظم الأولمبياد الدولي للروبوتات الشبيهة بالبشر، حيث قال: “أعتقد حقًا أن الروبوتات الشبيهة بالبشر ستذهب أولاً إلى الفضاء ثم إلى المنازل… المنزل هو الحدود النهائية”. لأن بيوتنا هي أكثر البيئات فوضوية وتعقيدًا على الإطلاق!
فكروا في الأمر: المصنع أو الفضاء بيئات يمكن التحكم فيها نسبياً. أما المنزل، فهو عالم مليء بالمفاجآت: ألعاب متناثرة على الأرض، عصير مسكوب، حيوان أليف يركض فجأة. يتطلب التنقل في هذا العالم قدرة مذهلة على التكيف وحل المشكلات بشكل فوري. في مجتمعنا الذي نبنيه معًا، نرى هذه المهارات تنمو طبيعياً في اللعب الجماعي الذي يذوب الثقافات – كالعزف على البيانو مع الجيران أو جمع الكرات في الحديقة. هذه المرونة العجيبة هي هدية من الحياة تُعلّمنا الصبر دون أن ندرك.
ماذا يعني مستقبل روبوتات الذكاء الاصطناعي لأطفالنا؟

إذن، ما هي الرسالة التي يجب أن نستخلصها كآباء وأمهات؟ الرسالة ليست الخوف من المستقبل، بل الاحتفال بما يجعلنا بشرًا بشكل فريد! هذه الأخبار تمنحنا خارطة طريق واضحة. بدلاً من القلق بشأن الوظائف التي قد تحل محلها الآلات، دعونا نضاعف جهودنا في تنمية المهارات التي تنمو من خلال اللعب غير المنظم والتجارب اليومية: الإبداع، والتعاطف، والتفكير النقدي، والتعاون، والقدرة على التكيف.
هي المهارات التي نراها تزهر في أبسط اللحظات: حتى في يوم غائم، تصبح النزهة القصيرة مغامرة لاكتشاف دودة قز أو بناء قلعة من أغصان الشجر. دعونا نشجعهم على الرسم والترابط في الحصون من الوسائد، على طرح أسئلة لا تنتهي، وعلى مساعدة صديق سقط أرضًا. هل تساءلتم يومًا: ما الذي يصنع الفارق بين طفلٍ يرى دودة قز وروبوتٍ غير قادر على ذلك؟ لربما كانت تلك اللحظات البسيطة هي البذور التي تُنبت المستقبل.
المصدر: Humanoid robots showcase skills at Ancient Olympia. But they’re on a long road to catch up to AI، Japan Today، 2025/09/01 21:23:41
