
عندما تتخطى الآلات السير الذاتية.. أين يجد أبناؤنا فرصتهم؟
تخيل أن مهارات يدوية بسيطة يتعلمها طفلك اليوم قد تكون جواز سفر لوظيفة غداً! في زمن يرفض فيه الذكاء الاصطناعي 75% من المتقدمين الواعدين قبل أن تراهم عين بشرية، وقفتُ دقيقة وأنا أرى بنتي الصغيرة تلعب بسيارتها المكسورة… هل ستعيش في عالم تُرفض فيه سيرتها الذاتية قبل أن تتعلم كتابة اسمها؟ هذا الرقم جعلني أعيد التفكير: كيف نصنع مساحة لأطفالنا كي يبرزوا في سوق عمل تتحكم به الخوارزميات؟ كأب لطفلة في السابعة، بدأتُ ببساطة: كل مساء نختار مهارة عملية نتعلمها معاً — كإصلاح لعبة معطلة أو زراعة شتلة في الشرفة. هنا تبرز التلمذة الصناعية كجسر ناجٍ نحو المستقبل.
الوظائف في عصر الآلات.. معركة خاسرة؟

الأرقام تصدم: 3 من كل 4 سير ذاتية مؤهلة تُحذف تلقائيًا بواسطة الخوارزميات. كأن الآلات أصبحت حارس البوابة الأول لسوق العمل!
بعد هذه الصدمة الإحصائية، يُطرح سؤال مؤرق: إذا كانت الروبوتات تتحكم في الفرص.. فما قيمة المهارات الحقيقية التي نعلمها لأطفالنا؟
هنا تلمع قصة المهندس الشاب الأردني كبارقة أمل: ترك سباق التعديلات اللامنتهية لسيرته الذاتية، واتجه للتعلم العملي الممزوج بالتجربة الميدانية.
نعم.. لاتزال الأيدي الماهرة التي تبني وتصلح تفرض نفسها! هذه ليست مجرد بلاغة لتقديم العزاء، بل واقع تعتمده أكبر الشركات العالمية.
هل التدريب المهني مجرد بديل؟

في الولايات المتحدة وحدها، تشهد برامج التلمذة الصناعية في مجال الذكاء الاصطناعي نموًا غير مسبوق. لماذا؟ لأنها تجمع بين قوة المعرفة التقنية وضرورة الخبرة العملية.
هل فكرت يومًا مع طفل يتعلم البرمجة ليس عبر شاشة فقط، بل من خلال حل مشكلات حقيقية في ورشة أو مصنع؟ يبدو الأمر أشبه بزرع بذور معرفية أينما تشاء!
الأجمل أن 91% من المتدربين يستمرون في نفس العمل بعد انتهاء التدريب المهني. رسالة واضحة: عندما يلمس الإنسان قيمة ما يصنع.. يكرس جهده لإتقانه.
كيف نزرع المهارات في حديقة المنزل؟

لا حاجة لانتظار المراحل الدراسية! نبدأ من اليوم بتنمية مفاهيم التدريب المهني عبر:
- دمج التعلم باللعب: مثل بناء نموذج من الليغو مع شرح كيفية عمل التروس (محاكاة للأنظمة الميكانيكية)
- رحلات استكشافية عملية: زيارة ورشة حرفي محلي والاستماع لقصته. لمَ لاتجربون كيفية الترميم البسيط للألعاب التراثية؟
- تشجيع حل المشكلات: ‘كيف تصلح هذه اللعبة المعطلة؟’ بدلًا من شراء جديدة
وكأنها إسفنجة، طفلك في السابعة يمتص المهارات العملية! كل تجربة تزرع فيه ثقة بقدراته اليدوية والفكرية.
كيف نوازن بين العالمين الرقمي والمادي؟

الأمر ليس رفضًا للتكنولوجيا، بل توظيف ذكي لها! البرامج التدريبية الحديثة تدمج الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة في التعليم المهني.
“السؤال المهم: كيف نشجع أطفالنا على استخدام الآلات كأدوات مساعدة دون أن تحل محل الإبداع الشخصي؟”
الإجابة تكمن في ‘التعليم الهجين’، الذي تبدأه بممارسة بسيطة تناسب عمر طفلك: مثل تجميع لعبة من الليغو مع رسم تصميمها بالتطبيقات الرقمية. الرابط بين الشاشة والواقع الملموس هو ما سيصنع فارقًا في مستقبلهم المهني.
تخيل طفلك الصغيرة تصنع نموذجًا ورقيًّا لطائرة ذكية.. بعدها تشتغل معك على فهم كيف تنقل الأنظمة الرقمية هذه الفكرة لصناعة حقيقية!
الخيط الرفيع بين التكنولوجيا والإنسانية

كما يحذر الخبراء: “الخوارزميات لن تحل محل صنع الأشياء بأيديكم!” مهمتنا كآباء أن نحافظ على هذه الجوهرة الإنسانية في زمن التسارع الرقمي.
تصوروا المستقبل معي: الطفلة التي تراقبك وأنت تصلح دراجتها القديمة.. أو تساعدك في زراعة الشرفة — تخيلوا اللحظة التي تنشف يداها بعد ترتيب الزهور، وتبتسم لإنجازها البسيط! — هي نفسها التي ستقدم حلولاً خارج الصندوق لروبوتات المستقبل!
“هل نخسر إنسانيتنا؟ بالطبع لا!” هكذا نبني جيلاً لا يخشى الآلات.. بل يقودها بيد ماهرة وقلب مفعم بالإبداع.
في الجلسات العائلية حول مائدة العشاء، حيث نتشارك أحاديثنا عن هذه التقنيات، نزرع معاً فهمًا عميقاً بأن يد الإنسان هي الكنز الأغلى. لأن كل تجربة عملية نصنعها مع أطفالنا اليوم — من إصلاح لعبة إلى زراعة زهرة — تصبح درعاً وقائياً في عالم يزداد اعتماداً على الآلات.
لذا اسأل نفسك في ختام اليوم: ماذا ستكون أدوات أطفالنا عندما يقفون أمام تلك الآلات التي تتحكم بسيرهم الذاتية؟ لأن الإجابة تبدأ من اللحظة التي تمسك فيها يد طفلك الصغيرة ليصلح معك لعبة مكسورة.. أو يزرع معك زهرة في شرفة منزلكم.
إنها ليست مجرد ‘تدريب’، بل رحلة عائلية نحو ‘الذكاء الذي يحمل قلباً’، حيث التراب تحت الأظافر يساوي قوة الكود البرمجي.
Source: Hiring Beyond The Algorithm: How Apprentiseships Beat The AI Job Flood, Forbes, 2025-08-14
