
البيت هادئٌ أخيرًا. أسمع همَّ الثلاجة، وصوت غسالة الصحون تنهي دورتها. راقبتُك قبل قليل وأنت تحدّقين عبر النافذة – أعرف ذلك النظَر جيدًا. نظَرُ الحِمل الثقيل الذي لا يراه سوانا.
ذكرتني بمكالمة والدك الشتاء الماضي، حين بدا سُعاله كالرعد عبر السماعة. شعرتُ بذات العُقْدة في صدرك، أعرفها كما أعرف راحتي يديك. لأن أقرب عيادة له تبعد ساعة بالسيارة لو كان الطريق ممهدًا.
قرأت اليوم عن شيء يُختصر تلك المسافة، لا ببناء طرق جديدة، بل بجلب العناية الطبية عبر الشاشات. إذاً، ماذا لو…؟ فكرة انفجرت في ذهني مثل شرارة في الظلام! ماذا لو لم يعد القلق جزءًا من المعادلة؟ تلك هي الفكرة التي أردت مشاركتها معك…
المسافة التي تُقاس بالقلق لا بالكيلومترات
المسافة بيننا وبين من نحب حين يُمرضهم الزمن… ليست أرقامًا على عداد السيارة، أليس كذلك؟ هي إحساسٌ بالعجز. في ثقافتنا الكورية، يُقال أن الرعاية الأبوية لا حدود لها، تمامًا مثل رعاية الأبناء، أليس كذلك؟ حين تتحوّل زيارة طبيب روتينية لأحد الأهل إلى رحلة استعدادات: موعد المتابعة، السائق، الوقت الضائع في الانتظار. أنظري كيف تتعاملين معها: أنت من تتذكرين مواعيد أدوية أمك، أنت من تُنسّقين زيارات والدك قبل مواسم الأمطار.
هذا الجهد الهادئ الذي لا يراه أحد – كنسج خيطٍ خفيّ يربط بين أفراد العائلة رغم البُعد. وكأنّ المسافة تزرع بذور القلق في تربة المجتمعات النائية: ماذا لو اشتدّت الحمّى ليلاً؟ ماذا لو تعذّر الوصول بسبب عاصفة؟ تلك الأسئلة التي تراود كل أبٍ يشعر أن حِمل الرعاية يثقل كاهله شيئًا فشيئًا.
عندما يصبح الجهاز اللوحي نافذة للطبيب
قرأت عن “الاستشارة الطبية عبر الإنترنت” وقلت في نفسي: يبدو الأمر تقنيًا وجافًا! لكن الفكرة بسيطةٌ كالضوء: بوابة رقمية لعيادة الطبيب، تُفتح من أي مكان. بدل ساعاتٍ من السفر، دقائق من المحادثة. أليس غريبًا أن نستطيع طلب البيتزا لبيتٍ جبلي ناءٍ، لكن استشارة طبية تبدو أحيانًا كرفاهية؟
ليس الأمر استبدالاً للطبيب الذي نعرفه، بل جسرٌ نحو رعايةٍ أكثر سلاسة.
تخيّلي فقط: أمك في منزلها المريح، في غرفتها المفضلة، بينما يتحدث مع طبيبها دون الحاجة للتحرك من مكانها. هذا ليس مستقبلًا بعيدًا، بل واقع اليوم!
تخيّلي لو استطافت أمك فتح تطبيق على جهازها حين تشعر بالسعال، فتتحدث مع ممرضة تخفّف مخاوفها فورًا. تخيّري الراحة التي ستعمّكِ أنتِ أيضًا – لا مزيد من الحسابات اليومية: “هل الأعراض تستحق الرحلة الطويلة؟”. إنه كمن يضيء مصباحًا في غرفة مظلمة طويلة.
الطب عن بُعد: خيطٌ جديد في نسيج المجتمع
كلما فكّرت في الأمر، أدركت أن تأثيره يتعدّى عائلاتنا. المجتمعات كالأجساد: حين يُخفّف عبء الرعاية عن كاهل الأفراد، ينهض الكل. العامل لا يخسر يوم راتبه، الطفل يعود لمدرسته أسرع، المسنّ يشعر بأن الحماية في متناول يده – حتى لو كان بينه وبين المدينة وادٍ سحيق.
هذه التكنولوجيا كتلك اللمسة الدافئة التي تقدمينها للجيران: لا تحلّ كل المشاكل، لكنها تقول “نحن هنا”. إنها تعترف بأن صحة المجتمع لا تُقاس ببُعد المسافات، بل بقوة روابطه. ورؤية العالم يبتكر أدواتٍ تدعم غريزة الرعاية التي تحملينها في قلبك… هذا ما جعلني اليوم أبتسم.
المصدر: Rocket Doctor AI Announces First Municipal Partnership with Town of Bruderheim, Alberta, Expanding Rural Access to Care، Financial Post، 2025-09-15.
