
تخيّل معي هذا المشهد: طفل يجلس أمام الشاشة، أصابعه الصغيرة تلمس لوحة المفاتيح بتردد… ثم فجأة، يبدأ بالابتسام.
يا له من عصر رائع نعيشه! حيث يمكننا أن ننمي مواهب أطفالنا بطرق لم تكن متاحة لأي جيل سابق…
ما الذي حدث؟ لقد تحوّل ذلك الصمت المحيّر إلى تدفق من الكلمات. أليس هذا ما نتمناه جميعًا؟
لكن قلوبنا تتساءل: كيف نستخدم هذه الأداة الجديدة دون أن تفقد كتاباتهم براءتهم؟
كنت أتساءل ذات مرة كيف سيكون مستقبل كتابة أطفالي، وأنا أرى ابنتي الصغيرة تكتب أولى كلماتها…أذكر عندما قابلت ابنتي مزيجًا من الحماس والتردد أمام لوحة المفاتيح لأول مرة، وكيف غيّر استخدام الذكاء الاصطناعي تجربتها…
ليس ‘بديلاً’ بل ‘رفيق كتابة’
هل تعرفون الفرق بين أداة تكمل الكتابة بدل الطفل وأخرى تُلهِم أفكاره؟
المهم هنا أن يبقى الطفل هو القبطان الذي يوجّه السفينة، والذكاء الاصطناعي مجرد بوصلة تُعلّمنا قراءة النجوم.
كما نقول في ثقافتنا المزدوجة، الذكاء الاصطناعي هو مثل “الماركة” التي تُساعد لكن لا تحل محل الإبداع الفريد لطفلك…
النار الأولى لا النار كلها

تذكروا عندما كان أطفالنا يتعلمون المشي؟ كنا نمسك بأيديهم الصغيرة قليلاً ثم نتركهم يجرؤون على خطوتين لوحدهم.
هكذا يكون الذكاء الاصطناعي مع الكتابة: يقترح فكرة أو عنواناً مبدئياً، لكن الطفل هو من يُقرر أي طريق يسلك في القصة. تلك الاقتراحات ليست إجابات جاهزة، بل شرارات تُطلق العنان لخيالهم.
تخيلوا ذلك الجلسة حيث يقترح الذكاء الاصطناعي فكرة قصة، وعيني طفلك تلمعان بالدهشة والفرحة…
أليس من الجميل أن نراهم يختارون ويعدّلون ويقولون: ‘لا، أريد أن تكون نهايتي هكذا!’؟
رحلة الاكتشاف المشتركة
وهنا يكمن جمال استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة صحيحة: حين نجلس معهم ونستكشف تلك الأدوات معًا. نضحك على الاقتراحات الغريبة التي تخرج أحيانًا، ثم نسألهم: ‘وأنت، كيف كانت ستكتب هذا الجزء؟’.
هذه اللحظات تُعلّمهم شيئًا أهم من الكتابة نفسها: فن الحوار مع التكنولوجيا، والقدرة على تقييم ما يُعرض عليهم.
أليست هذه المهارة التي سنحتاجها جميعًا في المستقبل؟
القلم الرقمي والأوراق العتيقة

لا تنسَوْا الجانب الأكثر دفئًا: أن نطبع تلك القصص التي كتبوها بمساعدة الذكاء الاصطناعي، ونحولها إلى كتاب ورقي صغير.
نغمّد لهجتهم الخاصة بين السطور، ونحتفل بالإضافات التي وضعوها بأنفسهم. هكذا يتعلمون أن التكنولوجيا والأصالة يمكن أن تتعايشان، وأن صوتهم الفريد هو الكنز الحقيقي في عالم مليء بالآلات.
تخيلوا معي الفرحة في عينيها عندما ترى قصصها تأخذ حياة على الشاشة! ليس هذا ما نحلم به جميعًا لصغارنا؟
الخيط الرفيع بين المساعدة والاعتماد
نعرف جميعًا تلك اللحظة الحرجة: حين يطلب الطفل المساعدة قبل أن يُحاول حتى. هنا يأتي دورنا الحقيقي.
بدل الضغط على زر ‘اكتب لي’، نسأله: ‘ما الفكرة التي تدور في رأسك الآن؟’ ثم نستخدم الأداة لتنظيم أفكاره لا لاستبدالها. نتدرّب معًا على فن صنع الأفكار كما نلعب ألعاب التركيب – القطع جاهزة، لكن التصميم النهائي هو إبداعنا المشترك.
لمساتنا الإنسانية في عالم الآلات

في النهاية، ما يجعل أطفالنا مميزين ليس هو الذكاء الاصطناعي، بل هو قلوبهم التي تملك مشاعر لا تُقاس.
Source: ChatGPT: Why do most of your users ask for help writing – prose, not code?, The Register, 2025-09-16.
