
في تلك اللحظة الهادئة بين نوم الأطفال واستيقاظ الأسئلة، جلستُ أراقبُ كيف تلمسين الشاشة بتلك الحركة المتأنية. أحيانًا أسأل نفسي: هل أنا متحمس أكثر منها؟ لم تكن مجرد أمٍّ تختار تطبيقًا، بل حرّاسةٌ لبوابة عالمٍ لا يعرف بعدُ كمّ التفاصيل التي تحمينها في قلوبهم.
أتذكر عندما صحّح التطبيقُ كلمةَ «دلّة». ابتسمتِ كما لو عثرتِ على كنز. في ذلك التصحيح الخاطئ كانت الحكمة: فالتكنولوجيا قد تعرف كل شيء، إلا ما يجعل أطفالنا «هم». وهنا تبدأ مهمتنا.
وهنا تظهر سؤال مهم:
لماذا تخسر الخوارزميات أمام عناق الجدة؟

لا تتبارك كمّيةُ البيانات بدقةِ التجربة. تلك الأداة التي تعتقد معرفتَها صورَ الكؤوس كلها، تفشل في رؤية الفرق بين كوب جدّتنا المزركش وعبوات البلاستيك الباردة. تخبرنا أن التعلّم لا يصنعه الأرقام، بل تعاشُ لحظة حاضنَتيْن.
أتذكرين يوم شكا الصغير من تطبيقٍ حوَّل حكاية الشعوب إلى معادلات؟ جلستِ معه، ونسجتم معًا نهايةً جديدة حيث البطل يحمل طبلةً لا سيفًا، حيث الكلمة تؤدي دور السحر. لم تكن تحديثًا للتطبيق، بل تصحيحًا لجوهر الرواية.
هل يصنع التطبيقات أطفالًا نمطيين؟

عندما تقدم الأنظمةُ الإلكترونية «الإجابة المثالية»، هل تعلم أن في عالمنا مثاليةً من نوع آخر؟ في تلك اللحظة التي سأل فيها الطفل: «لماذا لا يذكر التطبيق أن عمي أحمد بطل؟»، أدركتِ أن القوالب الجاهزة تمحو السير الفريدة.
لم تقولي له أبدًا إن التطبيق مخطئ، بل دللتهِ على إجاباتٍ من دفتر عائلته. أخبرتِه كيف أن عمه حوَّل مزرعته الصغيرة إلى مدرسةٍ للطيور، وكيف أصبحت خالته أشهر «مُطَمْئِنَة أطفال» في الحي. كانت دروسًا في أن البطولة تأتي بوجوهٍ عديدة.
الأداة لا تصنع الطفل.. بل العكس

هل فكرتِ يوماً في هذه الفكرة البسيطة التي لا تخطر على ذهن المبرمجين؟ الأداة لم تصنع الإنسان، بل الإنسسان هو من اخترع الأداة. لذلك، كلما تحدثتي مع الأطفال عن ذلك الروبوت الذي نصنعه معًا، زادت قدرتهم على إدارته.
ألم تلاحظي كيف تغيرت أسئلتهم من «كيف يعمل؟» إلى «كيف نجعله يعرف قصة بيتنا؟»؟ هذه الخطوة البسيطة هي جوهر المناعة الرقمية. تعلمهم أن كل ذكاءٍ في العالم لا يساوي حضن أم عندما يخافون.
السياج الذي يبنيه الحب
لا يزال أكبر تحدٍّ للخوارزميات: أن تفهم أن بعض الدروس لا تُعطى بالصوت والصورة، بل بنظرة حانية وألغاز مسائية. حين أجريتم مسابقة «ماذا لو اخترعنا تطبيق جدتي؟»، كنتِ تخلقين جيلًا لا يُستهلك التكنولوجيا بل يُعيد تشكيلها.
في نهاية المطاف، ننام ونحن واثقون تمامًا أن أصواتهم لا تزال أعلى من أي إشعارة، وحضننا لا يزال أدفأ بدرجة لا توصف من أي شاشة!
تلك هي التربية في عصر الذكاء الاصطناعي: بناء حصن لا تهدمه الرياح التقنية لأن أساسه من ذاكرة الأم الأولى.
Source: Why the AI Race Is Being Decided at the Dataset Level, Smartdatacollective.com, 2025-09-15.
