
هل تتذكرون أيامنا الأولى كآباء حين كنا نُهدي أطفالنا مكعبات الخشب؟ اليوم، بينما يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل العالم، صارت المكعبات الرقمية جزءاً من لعبتهم… وأصبح تحدينا أكبر: كيف نُعدّهم لعالمٍ يذوب فيه السُّلّم التقليدي للوظائف؟ كأبٍ يشهد طفلته تكبر في هذا الزمن السريع، أشارككم رحلتي لاكتشاف سر البقاء: الإتقان بدلاً من الحفظ، والإبداع بدلاً من التكرار! ولكن كيف نعد أطفالنا لهذا المستقبل؟
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على وظائف المستقبل؟

في يوم من الأيام، بينما كنت أشاهد ابنتي تبني قلعة من الرمال، تذكرت فجأة… الوظائف المُبتدئة اليوم تشبه تلك القلاع… جميلة لكنها هشة! تشير الدراسات إلى انخفاض الوظائف المُبتدئة بنسبة 35% خلال عامين فقط. لماذا؟ لأن الذكاء الاصطناعي التوليدي يأخذ دور ‘الصديق الجديد’ الذي يُنجز المهام الروتينية بلمح البصر.
لنصدّق الأمر: عالم العمل يشهد زلزالاً.
سُلم التدرج الوظيفي ‘من مُبتدئ إلى مدير’ لم يعد كما نعرفه. حتى الشركات التقنية الكبرى قلّصت وظائف الخريجين الجُدد إلى النصف! ولكن كآباء، بدل الذعر، فلننظر إلى هذه الفرصة المختبئة: لو اختفت الدرجات الأولى من السلم، فلِمَ لا نُعلّم أطفالنا أن يكونوا مرنين؟ هذا هو الطريق إلى المستقبل!
ما هو التعليم القائم على الإتقان وكيف نطبقه مع أطفالنا؟

هل لاحظتم كيف يرفض الطفل الصغير التوقف عن المحاولة حتى يُتقن ركوب الدراجة؟ هذا هو ما نسميه فطرة الإتقان! الدراسات الحديثة تُفرّق بين وظائف ‘النمو’ (التي تحتاج سنوات من التدريب) ووظائف ‘الإتقان’ (التي تتطلب مهارات مكثفة منذ البداية). وهنا يكمن التحدي: الذكاء الاصطناعي يجعل الأولى تختفي، بينما الثانية تحتاج لأطفالنا أن يكونوا مستعدين، فهذه هي أساسيات تنمية مهارات الطفل.
حلّنا؟ تحويل حياتهم اليومية إلى معمل إتقان:
– بدل حفظ جدول الضرب، نطلب منهم شرحه بأغنية يبتكرونها
– بدل تكليفهم بواجب كتابي، نطلب منهم تصميم مجلة مصوّرة عن الموضوع
– حتى وقت اللعب الحرّ في الحديقة يصير مدرسة للتنسيق والتفكير النقدي!
ما هي أهم 4 مهارات للمستقبل يحتاجها الأطفال؟

في إحدى رحلاتنا العائلية، علّقت ابنتي بسذاجة: ‘أبي، لماذا لا نستخدم الخريطة الورقية؟ الجوال أسرع!’ هنا أدركت أن تحديات عصرهم تحتاج مهاراتٍ ناعمة مختلفة عن التي امتلكناها:
- الإبداع: كيف يُحوّلون مشكلة إلى قصة مصوّرة؟
- التفكير النقدي: لماذا لا نثق بكل ما يعرضه اليوتيوب؟
- التعاون: كيف يبنون حصناً مع الأصدقاء بلا خلافات؟
- التواصل: كيف يعبّرون عن حاجتهم دون صراخ؟
هذه ‘المهارات الدائمة’ هي العملة الجديدة! مثلاً: عندما نستخدم الذكاء الاصطناعي في التعليم معهم، لا نتركهم يستمعون للإجابات الجاهزة، بل نطلب منهم ابتكار 3 حلول بديلة. هكذا نبني عضلات العقل التي لا تقهر!
كيف ننمي مهارات أطفالنا بأنشطة يومية بسيطة؟
لا تقلقوا، لن ندخل في تعقيدات تقنية! ببساطة، كل يوم هو فرصة للبناء:
صباحاً: أثناء تجهيز الفطور، نلعب ‘تحدي ماذا لو؟’ (ماذا لو انعدمت الجاذبية؟ كيف نصنع شطيرة؟)
ظهراً: نطلب منهم استكشاف حديقة المنزل وكأنهم علماء أنثروبولوجيا!
مساءً: نقرأ قصة ثم ‘نقلبها’ – ماذا لو كانت نهايتها مختلفة؟
تذكروا: استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم ليس عدواً، بل أداة حين نستخدمها بحكمة! المفتاح أن نجعلهم يطرحون أسئلة أكثر من التي يجيبون عليها. عندما يشاهدون فيديو تعليمياً، نسألهم: ‘ما السؤال الذي لم يُجبه المقطع؟’
كيف نربي جيلاً مبتكراً لا يخشى المستقبل؟
ذات ليلة، رأيت ابنتي تُصلح دميتها المكسورة بطرق غريبة لكنها مبتكرة. في تلك اللحظة فهمت: قوتهم ليست فيما يعرفون، بل في كيف يفكرون!
مهمتنا ليست حمايتهم من التغيير، بل تزويدهم بأدواتٍ تصنع منهم رواداً في الصحراء، لا بحثاً عن واحة!
قد يبدو الحديث عن انهيار السلالم الوظيفية مخيفاً، لكن التاريخ يُعلّمنا أن كل ثورة تخلق فرصاً أكبر لمن يستطيعون الابتكار. كأبٍ يحاول أن يجمع بين الأصالة والحداثة، أؤكد لكم أن المستقبل المشرق يبدأ بلعبة اليوم… حين نُحوّل لحظاتهم العادية إلى فرصٍ للاكتشاف والإتقان. لذلك، لنُخرج جيلاً لا يبحث عن سلمٍ ليصعده، بل يبني مصاعدَ ترفع العالم أجمع!
المصدر: As AI Topples Career Ladders Into No Man’s Land, Mastery Learning Is The Answer, Forbes, 2025-09-16
