
عزيزتي، عندما نرى أطفالنا بين الشاشات والعالم الواقعي، ألا نشعر أحياناً أننا نسير على حبل رفيع؟
هل تذكرين تلك اللحظة المسائية حين نجلس معاً بعد يوم طويل؟ حينها فقط نلاحظ كيف يتشبث أطفالنا بأجهزتهم الصغيرة وكأنها امتداد لأذرعهم… في تلك اللحظات الهادئة، كثيراً ما تساورني أسئلة: كيف نوفر لهم حياة متوازنة؟ كيف نحميهم دون أن نحرمهم من فوائد هذا العصر؟
أعترف أنني أحياناً أضع الهاتف بجانبي وهو لا يزال مفتوحاً، وأشعر بالذنب قليلاً… ألا تفعلين ذلك أحياناً؟
نعيش في زمن تتحول فيه الشاشات الصغيرة إلى نوافذ على عالم لا حدود له، لكنني أرى في عينيكِ نفس القلق الذي يشعر به كل أب وأم. لقد أصبحت التكنولوجيا لغة أطفالنا الأم، بينما نحاول نحن تعلم تلك اللهجة الجديدة ببطء…
عندما يصبح الهاتف صديقاً لا بديلاً له

لاحظت ذات مرة كيف تتحول تعابير وجه طفلنا عند الانتقال من اللعب بالصلصال إلى التحديق في الشاشة… في الأولى هناك ضحكات مرتجلة، في الثانية تركيز أشبه بالغياب. هذا بالضبط ما يقلقنا، أليس كذلك؟
بالتأكيد التكنولوجيا ليست شراً! لكنها مثل السكر في الشاي – إذا زدتَ قليلاً طعمها يتحسن، وإذا زدتَ كثيراً يفسد كل شيء! الألعاب التعليمية والفيديوهات المفيدة يمكنها أن تكون أدوات رائعة، لكن عندما يأتي طفلنا لتناول العشاء وهو ما يزال يفكر في ذلك العالم الافتراضي… هنا علينا أن ننتبه.
وهنا يأتي الدور الأهم: كيف نوجه هذا الارتباط الإيجابي بدلاً من مقاومته؟
حدود شفافة: كيف نرسي قواعد ذكية؟

جربنا معاً تلك الفكرة البسيطة: ساعة واحدة للعب، مقابل ساعة من القراءة أو الرسم… لاحظتِ كيف أصبحت تلك القاعدة جزءاً من روتينهم التدريجي؟ المفتاح ليس في المنع الكامل، بل في خلق توازن طبيعي.
الأمر أشبه بزراعة حديقة صغيرة في غرفتهم – نضع البذور (الحدود المنطقية)، نسقيها بالتشجيع (التفاعل الإيجابي)، ونحميها من الأعشاب الضارة (الإفراط في الاستخدام). كم هي جميلة لحظات الاكتشاف حين يخلقون شيئاً بأيديهم بعد إبعاد الجهاز قليلاً!
عالم بديل: حين تصنع الأيدي ما لا تصنعه الشاشات

هل تلاحظين معي تلك البراءة التي تعود إلى عيونهم عند اللعب بالطين أو بناء القلاع الورقية؟ إنها لحظات سحرية لا تقدر بثمن…
لقد اكتشفت معكِ أن الحل ليس في صراع مع التكنولوجيا، بل في تقديم بدائل تشعل الخيال.
تلك الليلة التي قمنا فيها بإطفاء الأنوار ولعبنا الظل بالأيدي… ألا تذكرين كيف امتلأ البيت بضحكاتهم الحقيقية؟ هذه الذكريات هي التي ستبقى معهم – وربما معنا أيضاً – أكثر من أي لعبة إلكترونية.
نحو توازن عائلي: رحلة لا سباق

في النهاية، نحن لا نحاول كسب معركة ضد التقدم التقني، بل نسعى لصنع انسجام بين عوالمنا المتقاطعة…
عندما أرى ابنتي الآن تخلق قصصاً بأصابعها في الظل، أتذكر أول مرة طلب فيها الهاتف… تلك الرحلة معها تعلمنا أن التوازن ليس هدف نصل إليه، بل رحلة نعيشها كل يوم، معاً. أحياناً أجد نفسي أفكر: إذا كنا نريد لأطفالنا أن يقرؤوا أكثر، فلنقرأ نحن أولاً أمامهم. إذا أردناهم يلعبون خارج الشاشات، فلنلعب معهم. التوازن الرقمي يبدأ من توازننا نحن كوالدين في استخدامنا للتكنولوجيا أيضاً… تلك اللحظة التي تضعين فيها هاتفك جانباً لإعداد العشاء معاً، هي في حد ذاتها درس ثمين لهم.
Source: Loongson unveils 9A1000 GPU with RX 550-level performance and 40 TOPS AI power, Notebookcheck, 2025-09-16.
