عندما تتحول الفوضى إلى حديقة فضول: رؤية الأب الهادئة في رحلة الأمومة

حتى تأخير القطار قد يحمل لغزًا

عندما قال لي صغيري “أين أمي؟” بينما كنا ننتظر القطار، لمستُ رطوبة في عينيه. لكنني أدركت فجأة أن هذه اللحظة ليست مجرد تأخير، بل فرصة نادرة.

كأبٍ يراقب زوجته وهي تحمل أعباء العالم بهدوء، تساءلت: كيف نحول هذه الفوضى اليومية إلى تربة خصبة لفضول أطفالنا؟

نعم، تلك الرعشة في صوتها وهي تشرح لابنتها سبب تأخير القطار، تلك النظرات السريعة التي تتبادلها مع طفليها بينما تستعد لموعد عملٍ عاجل… لحظات تختفي في زحمة الحياة، وفي هذه اللحظات، نبني فضولًا طفلنا ما ينساه حتى في أصعب الأوقات.

كيف نحول الفوضى اليومية إلى حديقة فضول؟

الكلمة الصادقة التي تهمس بها الأهل لطفلها عند التأخير: “غدًا سنكتشف شيئًا جديدًا معًا”. هنا تبدأ المعجزة.

كأبٍ أراقب هذه اللحظات بقلبي أكثر من عيني، أرى كيف تتحول زحام المواصلات إلى ساحة تعلم. عندما يُعلن موظف المحطة عن تأخير القطار، لا يقول أحد “لقد أفسد اليوم”، بل يسأل الطفل: “هل نستطيع تخمين سبب هذا التأخير؟“.

هذه ليست مجرد أسئلة، بل خيوطٌ رفيعة تربط القلق بالفضول.

طبعًا، نشعر جميعًا بهذا، أليس كذلك؟ كيف نحول العالم المشتت إلى مغامرة صغيرة، لا لأننا نملك وقتًا فائضًا، بل لأننا نرى في عيون أطفالنا بذرةَ اكتشافٍ جاهزة للنماء.

عندما تأخذ نفسًا عميقًا قبل أن تقول “لا بأس، سنصل في الوقت المناسب”، تزرع في قلبه شعورًا بالثقة. هذا ما لا يراه أحد: كيف تتحول نظراتها الهادئة إلى شبكة أمانٍ غير مرئية، تحمي أطفالها حتى في لحظات الفوضى.

نحن كآباء نتعلم منها أن القلق ليس عدوًّا، بل بوابةٌ لتعليم الأطفال أن العالم قابلٌ للاستكشاف، حتى عندما يبدو غير متوقع.

التنفس مع الخوف: لغة الأهل التي تُهدئ العواصف الصغيرة

لاحظتُ ذات مرة كيف التفت زوجتي إلى طفلنا عندما بدأ يبكي خوفًا من تأخرها في اصطحابه. لم تحاول إقناعه بعدم الخوف، بل قالت: “تعال نتنفس معًا مثل البالونات“.

أخرجت يديها وبدأ الاثنان يتنفسان ببطءٍ بينما كنا ننتظر في المحطة.

في تلك اللحظة، فهمتُ أن تهدئة الخوف لا تحتاج إلى كلمات معقدة، بل إلى فعلٍ بسيط تشاركه مع طفلك. كأب، أدركت أن القدرة على احتواء مشاعر الطفل تبدأ من قدرتنا على مشاركته لغةً غير لفظية: التنفس، اللمسة الخفيفة على الظهر، نظرة العين التي تقول “أنا هنا”.

الفضول الحقيقي ما يُحسب بالدقايق، بل بالاهتمام البسيط في نظرة أو سؤال

الحديث اليومي: الجسر الصغير الذي يربط قلوبنا بفضول أطفالنا

في الطريق العودة من المحطة، تسمع زوجتي أسئلة طفلنا عن ماهية السكك الحديدية. لا تسرع في الإجابة، بل تعيد الصياغة: “ما رأيك أن نبحث عن الجواب معًا غدًا؟“. هنا تكمن الرؤية الذكية: الأهل لا يُرضون الفضول بجوابٍ فوري، بل يمدون الجسر لرحلة استكشاف مشتركة.

كأب، تعلمتُ أن الحوار اليومي مع الأطفال ليس مجرد تبادل كلمات، بل طريقة لتعليمهم أن أصواتهم مسموعة، وأن أفكارهم ذات قيمة. حتى لو كان سؤالهم عن لون القطار أو شكل النوافذ، هذه هي البذور التي تنمو لتصبح فضولًا علميًّا. في لحظات العمل المتواصل، قد يشعر أحد الوالدين بأنه يفتقد الوقت مع أطفاله.

لكن ما لا نراه كآباء هو كيف تتحول هذه اللحظات القصيرة إلى ذكريات قوية. عندما يقول أحد الوالدين لابنته “لنتشارك قصة عن يومي الشاق” بينما يستعدان للنوم، تكون قد بنت جسرًا من الثقة لا من الوقت. الفضول هنا لا ينمو عبر الدقائق المعدودة، بل عبر الإحساس بأن الأسئلة موضع ترحيب دائم.

نحن كآباء وأمهات نتعلم أن الذنب الذي يشعر به الوالدان العاملان ليس واقعًا، بل وهمٌ نذيبه معًا حين نرى كيف تتحول دقائقهما المحدودة مع الأطفال إلى لحظاتٍ لا تُنسى.

Source: Shipsy Partners with Tech Mahindra to Expedite Logistics Transformation by Building an AI-Native Supply Chain Ecosystem, PR Newswire, 2025/09/17 07:30:00

Latest Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top