استكشاف الذكاء الاصطناعي مع العائلة: رحلات بسيطة تربط التكنولوجيا بالفضول

صورة لأسرة سعودية تستخدم أجهزة لوحية في المطبخ

هل سمعتِ يوماً ذلك الصوت الصغير في الصالة يسأل: «ماما… لماذا تتحرك الصور على التابلت؟» – تلك اللحظة التي تغيرت فيها نظرتنا للتكنولوجيا إلى الأبد؟ بينما الزعتر يغمر يديكِ ورائحة الكبسة تملأ المكان، سمعنا الصغير من الصالة: «ماما… لماذا تتحرك الصور على التابلت؟». قبل أن ترفعي بصركِ من القدر، التفتِّ إليّ بتلك النظرة التي نعرفها جيداً – نظرة «اللهم اسكته قبل غليان الأرز» – ثم قلتِ ببساطة: «تعال نخمن معاً!».

هذه اللحظة البسيطة في مطبخنا لم تكن مجرد إجابة عن سؤال، بل كانت البداية لمغامرة تعليمية استمرت بنا حتى اليوم…

من «لا أعرف» إلى لغز مشترك: مغامرة التعلم المفتوحة

أطفال يستكشفون تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع الأهل

لم أكتشف قوة «لا أعرف» إلا حين أصبحتُ أباً. تذكرين كيف ضحكتِ ذات مساء عندما سألتِ الصغير عن سبب اختفاء القمر، فرددتِ: «هيّا نكتشف معاً!»؟ جلسنا نبحث عن الإجابة بين كتب المكتبة الوطنية، ونجوم السماء، وأصابع الصغير التي تحاول رسم الدوائر على الطاولة. هل تذكري أول مرة حاولنا فيها شرح الذكاء الاصطناعي؟ ذاكرة والدينا تعلمنا أن الأسهل أحياناً هو القول «لا أعرف» معاً.

هذا ليس مجرد لعب… بل زرع بذرة تعليمية: أن الفضول لا يخاف من التكنولوجيا، بل يصنع منها جسراً. كلما سألت إحداهن «ولماذا الروبوت يتكلم؟»، تعلّمتُ منكِ كيف تمسكين بيد الصغيرات وتقولين: «تعالوا نخمن! هل يسمع مثل الميكروفون؟ أم يقرأ أحلامنا؟». تخيلي ماذا لو حوّلنا كل سؤال «لماذا؟» إلى فرصة للسعادة المشتركة! ثم تفتحين مقاطع الأطفال بيوتيوب لتشاهدون معاً كيف يعمل الصوت. لا تُغلقين الباب على السؤال… بابَكم الجماعي على اكتشاف جميل.

مرة قلتِ لي، وأنتِ تجهّزين حقائب المدرسة: «إذا سألكم الصغير لماذا الغسالة تدور، قلوا: (والله أنا مثلكم، نحب نفهم!)». هذا بالضبط ذكاء الأمهات الذي يحوّل سلسلة «لماذا» إلى لعبة تدحرج كرة الثلج… لأن الطفل ليس بحاجة لإجابة جاهزة. بل إلى رفيق في طريق الاستكشاف، مثلما كنتما رفيقاً لي عندما اكتشفنا مع الصغار كيف يرسم التابلت خرائط للعالم من خلال كوب ماء وورقة!

التوازن الرقمي: خفايا تعلم سعودية في المطبخ

الأم تستخدم التابلت مع أطفالها في المطبخ السعودي

تذكرين قلقنا السابق عند شراء ذلك الهاتف الذكي الجديد؟ كنا نخاف أن تلتفت عيون الصغيرات عن الكنافة وهي تطهى في القدر. ولو حصلت حادثة صغيرة بالطعام، فلا بأس! النجاحات تأتي بعد التجارب. لكنك صنعتِ السحر: جعلتِ التابلت «ساعد» لا «ساحر». اليوم، عندما تعودين منهكة من العمل، تفتحين تطبيقاً لقصص الخيول العربية فتسمع الصغيرات روايات جدهن بينما أضع الأقلام في الحقائب.

هذه ليست «استراحة» عابرة… بل لغة صامتة تقول إن التكنولوجيا خادم لدمج الماضي بالحاضر.

أحب كيف تذكّرين الصغيرات أن «الروبوت لا يحبّ أمه» عند تلوين الشاشة. تمدّين يدك على يدهن: «شوفوا كيف يبقى لون خطّكن على الورق؟ الروبوت ما يحس بذلك!». ثم تخرجن معاً لزيارة حديقة الملك عبد العزيز ليطلعن على الزراعة الآلية، فتختلط الخضرة بالتكنولوجيا في رسومهن. كما أتذكر من طفولتي في كندا، وكما تعلمنا من هنا في المملكة، يجمع أبناؤنا بين الفضول الغربي والتراث الشرقي في كل سؤال يطرحونه.

حتى عند الحديث عن أمان الشبكة، لا تقولين «لا تفتحي»… بل: «مثلما نختار محلات المول بثقة، نختار ما نفتحه على الواي فاي».

وكم تضحكون معاً عندما تقولين: «الصغار اليوم راح يقنعونا أن غسالة الملابس شخص!». هذه الحكمة التي تجعل التكنولوجيا جزءاً طبيعيّاً من تراثكم، لا غزواً لها. مثلما مزجتِ بين درس «الرسم على الحائط» في المدرسة وتطبيق يحلّل ألوان تبوك… فتحول الواجب إلى جولة اكتشاف لا خوف.

مهارة تدوم: عندما تتحول التكنولوجيا إلى حكاية إنسانية

أطفال يرسمون باليد دون استخدام الشاشات

أشعر أن إغلاق التطبيقات أحياناً أخف من إغلاق قلقي حول اعتماد الصغيرات على الآلة. لكنك تذكّرينني كل يوم بأن «تنظيم حقيبة المدرسة» ليس روتيناً… بل زراعة عقل يتأمل: «الكتب أولاً ثم الأقلام», «الصور تحتاج تخيل قبل ما نرسمها». هذا جوهر التفكير النقدي الذي لا ينقرض.

أجمل لحظة في يومنا هي «ساعة البخور» التي صنعتها: بعد إغلاق الشاشات، تفتحين دفتر الرسم وتحدّين الصغيرات: «ارسموا طائر الصحراء الذي رأيناه في الباحة… بدون تابلت!». من هذه اللحظات تولّدت جولة أسرية: كيف نصوّر طائر الحبارى السعودي بقلم يداه أمي؟

هذا ليس «رسماً عادياً»… بل تمرين لعقل ينمو مرونة – لأن العالم يتغير، لكن يد الأم التي تمسك القلم تبقى مرساة.

ذات صباح، وأنتِ تمسكين بحقيبتك قبل الخروج، قلتِ لي:

الروبوت يحسب… والإنسان يُفكّر

تذكّرتكم وأنا أركّم الغسالة بعد أن كسرها الصغير: لم نفتحا غوغل، بل جربنا التفاح، الحليب، فالخل. ضحكت الصغيرات: «الخل يخرب الغسالة؟!». نعم… الذكاء البشري الذي ما ينقرض: بحثٌ في أعماق الذات تبحث عنه حتى أحدث التكنولوجيا. اليوم، وأنا أقرأ عن وظائف المستقبل، أعلم أن مهارتك في شرح خطّ اليد على الورق – هذه ستبقى كنز أبنائنا. أنتما المحور الذي لا يتزعزع في رحلة الخلق والفن، حيث تكون التكنولوجيا مجرد أداة ليعيش مصداقية القلب.

المصدر: The future of video security: Poll finds surge in large-scale AI deployment, PR Newswire, 2025-09-17

أحدث المقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top