
أتذكر تلك الليلة، عندما جلسنا على الأريكة بعد أن نام الأطفال، وكوب الشاي بين أيدينا—شاي زهورات أو قرفة—لا يزال دافئاً. تحدثنا عن كيف أصبحت أسئلة الصغار أكثر تعقيداً، وكيف نلجأ أحياناً لهذه الأصوات الرقمية اللي بترد على أسئلهم. في عينيك رأيت نفس القلق الذي أشعر به: ثقة نمنحها بسهولة، وخوف خفي من أن نقدم لأطفالنا حقائق ليست حقيقية. تعرفون هذا الشعور، صح؟
اللحظة التي فهمت فيها معنى ‘تهلوس’ الآلة

كان ذلك المساء، عندما سألنا عن سبب لون السماء الأزرق. أجابت الآلة بإجابة تبدو مقنعة، مليئة بالمصطلحات العلمية.
لكن في عينيكِ، تلك العينين التي تعرفانني أكثر من أي أحد، رأيت شكاً خفيفاً. بحثنا معاً، واكتشفنا أن الإجابة كانت جميلة ولكنها غير دقيقة تماماً.
في تلك اللحظة، شعرت بأننا نواجه شيئاً جديداً: آلة تتكلم بلغة البشر، لكنها أحياناً تنسج قصصاً كما يفعل طفل صغير يحاول إقناعنا بقصة اخترعها.
الثقة التي نمنحها بسهولة، والخوف الذي نخفيه بصمت

أرى كيف ننظر نحن كوالدين إلى الشاشة عندما يسأل أحدهم سؤالاً صعباً، وكيف نتنفس الصعداء عندما تظهر الإجابة. إنها راحة مؤقتة، أعرف ذلك. أشعر بهذا القلق أيضاً عندما نكتشف أن الإجابات قد لا تكون صحيحة.
لكننا نعرف الثقل الذي نحمله: مسؤولية أن نكون الحاجز الأخير بين أطفالنا والعالم.
هل هذه المعلومة التي سنقدمها لهم ستكون الأساس الذي سيبني عليه فهمهم للعالم؟
فن التحقق المزدوج: رقصة نرقصها معاً

تعلمنا أن نجعل من البحث مغامرة عائلية. عندما تسأل إحدى الصغيرات سؤالاً، نبحث معاً في أكثر من مصدر.
أرى كيف تشرحين لهم بلطف أن الحكمة تكمن في التأكد، وأن حتى أذكى الآلات تحتاج إلى مراجعة البشر.
في هذه اللحظات، أشعر بأننا لا نعلمهم فقط معلومات، بل نعلمهم طريقة للتفكير، وطريقة للشك بطريقة صحية، وطريقة للوثق بأنفسهم قبل الوثوق بأي آلة.
بين إمكانات التكنولوجيا وحكمة القلب

في النهاية، أعود إلى نظرتكِ عندما تقرأين قصة لهم قبل النوم. هناك حكمة في عينيكِ تفوق أي خوارزمية.
أعلم أن التكنولوجيا أداة رائعة، لكنها لن تحل أبداً محل الحدس الذي تمتلكينه عندما تعرفين أن شيئاً ما ‘لا يشعر بأنه صحيح’.
إنها نفس الغريزة التي تجعلكِ تعرفين متى يكون أحدهم مريضاً حتى قبل أن تظهر الأعراض، أو متى يكون هناك شيء يزعجهم حتى لو كانوا يبتسمون.
الثقة الحقيقية ليست في الآلة، بل فينا

عندما ننام الليلة، وأسمع تنفس الأطفال الهادئ، أعلم أن أكبر هدية نقدمها لهم ليست المعلومات الدقيقة، بل الثقة بأنفسهم وقدرتهم على التساؤل والنقد.
أشعر بأن رحلتنا كوالدين في هذا العصر الرقمي تشبه رقصة جميلة: نأخذ من التكنولوجيا ما يسهل علينا الطريق، لكننا نحتفظ بالبوصلة الداخلية التي ترشدنا.
وفي النهاية، هذه الثقة—بأنفسنا وببعضنا—هي اللي رح تحميهم أكثر من أي تقنية. معاً، بنقدر نواجه هذا العالم الجديد بثقة وحكمة.
المصدر: What Are The Hidden Risks Of AI Hallucinations In L&D Content?, ELearning Industry, 2025-09-21
