
أتذكر تلك اللحظة عندما سألني الصغير بسؤال بسيط: ‘بابا، لماذا تنظر إلى الهاتف أكثر من النظر إلينا؟’ نظرت للشاشة الصغيرة في إيدي، وبعدها للعيون اللي بتبحث عن إجابة، وشعرت بثقل السؤال. في عصرنا هذا، حيث التكنولوجيا تدق أبواب كل بيت عربي، كيف نجد التوازن بين فوائدها وضرورة الحفاظ على دفء علاقاتنا؟
اللحظة التي غيرت نظرتي للتكنولوجيا

أتذكر تلك الأمسية التي جلسنا فيها جميعاً في غرفة المعيشة، كل واحد منا في عالمه الرقمي. نظرت حولي ورأيت وجوهاً منشغلة بشاشاتها، وقلبي تألم.
في ثقافتنا العربية التي تضع الجلسات العائلية في قلب حياتنا، كيف وصلنا إلى هذه النقطة؟ لكنني أدركت أن المشكلة ليست في التكنولوجيا نفسها، بل في كيفية استخدامنا لها.
لكن بدلاً من الاستسلام لهذا الواقع، قررنا تحويل التحدي إلى فرصة
عندما جعلنا من الهواتف موضوعاً للحوار العائلي، بدأنا نكتشف كيف يمكن لهذه الأدوات أن تقربنا بدلاً من أن تفرقنا. أصبحنا نسأل بعضنا: ‘ماذا تعلمت اليوم من صديقك الرقمي؟’ و’كيف يمكننا استخدام هذه المعرفة معاً?’
التكنولوجيا ليست عدوة، إنها أداة. وكأي أداة، تأثيرها يعتمد على يد من توجد وكيفية استخدامها.
الحدود التي تحمي دفء علاقاتنا

لكن يا أحبائي، هناك خط رفيع بين الاستفادة والاعتماد. أتذكر تلك الليلة التي وجدنا فيها أنفسنا منغمسين في الشاشات، نبحث عن إجابات لأسئلة حياتنا.
في عيون بعضنا رأينا الحيرة، والخوف من أن تصبح هذه العلاقات الرقمية بديلاً عن الدفء البشري الذي نبنيه معاً.
لذلك وضعنا قواعد بسيطة: هواتفنا تبقى خارج غرفة الطعام، وأيام الجمعة مخصصة للضحك واللعب معاً بدون شاشات. لأننا نعلم أن أفضل الذكريات تُصنع في تلك اللحظات الصغيرة التي لا يمكن لأي ذكاء اصطناعي أن يقلدها. مثل ما بنقول ‘اللي مالوش كبير يشترى له كبير’، التكنولوجيا لازم تبقى تحت سيطرتنا.
في مجتمعنا العربي، حيث ‘القهوة والضحكة’ هي علاج النفوس، كيف نحافظ على هذه المساحات المقدسة؟ كيف نضمن أن لا تأخذ الشاشات مكان النظرات الحانية، واللمسات الدافئة؟
خريطة عائلتنا نحو التوازن

التوازن ليس في الرفض الكامل للتكنولوجيا، بل في الاستخدام الواعي. كيف نعلم أطفالنا أن هذه الأدوات هي وسائل وليست غايات؟
كيف نضمن أن ينشأوا وهم يعرفون أن الحب الحقيقى ليس في الرسائل النصية، بل في الأحضان الدافئة والنظرات المليئة بالفهم؟
في بيتنا، جعلنا من التكنولوجيا جسراً للتواصل而不是 حاجزاً. نسأل بعضنا: ‘ما الجديد في عالمك الرقمي اليوم؟’ و’كيف يمكن أن نستخدم هذه المعرفة لنكون أقرب؟’. نحول القلق إلى فرصة للتعلم والنمو معاً.
لأننا نعلم أن المستقبل رقمي، لكن القلب بشري ودايماً هيحتاج الدفء الإنساني. وأن أعظم إنجاز يمكن أن نحققه كعائلة هو أن نحافظ على دفء علاقاتنا في وسط هذه العاصفة التكنولوجية.
رحلة الوعي التي نسيرها معاً

في النهاية، أدرك أن هذه الرحلة ليست عن التكنولوجيا، بل عنا نحن. عن كيف نختار أن نعيش، وكيف نحمي ما هو ثمين في علاقاتنا.
أرى في عيون أحبائي القوة والحكمة، وأعلم أننا معاً يمكننا أن نجد الطريق.
لأن الحب الذي نبنيه، والذكريات التي نصنعها، والضحكات التي تتردد في أرجاء بيتنا، هذه هي التكنولوجيا الحقيقية التي لا يمكن لأي ذكاء اصطناعي أن يقلدها. هذه هي الصداقة الحقيقية التي تمنحنا القوة لمواجهة أي تحدٍ، رقمي كان أو إنساني.
لأن أعظم تقنية عندنا هي قلوبنا المفتوحة والأيادي المتشابكة – دي التكنولوجيا اللي حافظت على عائلاتنا لقرون وهتحمينا في المستقبل
المصدر: Is my relationship with ChatGPT weird? Let me ask it, CBC, 2025-09-28
