
في صمت الليل، حين ينام الصغار، أفكر في تلك العيون التي تراقبنا بفضول لا ينتهي
أتذكر اليوم ذلك المشهد البسيط، وأنتِ جالسة مع الصغير يسأل للمرة العاشرة ‘لماذا الطائرة تطير؟’، وكنتِ تجيبين بكل صبر وكأنها المرة الأولى. في عينيه ذلك الفضول الذي يذكرنا بأننا نربي جيلاً سيعيش في عالم مختلف تماماً. هذه الأسئلة البسيطة هي التي تقود لأكبر الابتكارات، أليس كذلك؟
فن طرح الأسئلة الكبيرة في الحياة الصغيرة

أراقبكم أحياناً وأنتم تجيبون على أسئلهم التي لا تنتهي، وأتساءل: من أين يأتي كل هذا الصبر؟ ثم أدرك أن الإجابة ليست مجرد كلمات، بل هي غرس بذرة الفضول التي ستكبر معهم. في العمل نسمع عن الابتكار المفتوح وكيف أن مشاركة المعرفة تخلق حلولاً أكبر، وهنا في البيت، نعيش نفس المبدأ كل يوم من دون ما ندري!
أتذكر تلك الليلة التي تحول فيها المطبخ إلى معمل صغير لمشروع العلوم، وكيف كانت التجارب ‘الفاشلة’ تُحتفى بها كخطوات نحو النجاح. في تلك العيون الصغيرة، ذلك الإيمان بأن لا شيء مستحيل عندما نتعلم معاً.
بناء جسور التواصل بدلاً من الجدران

في الأيام التي نعود فيها منهكين، وأجدكم رغم التعب تجلسون لتسمعوا عن يومهم، أرى كيف تُبنى الجسور بين عالمهم الصغير وعالمنا الكبير. لا أعلم كيف تفعلون ذلك، لكنكم تجعلونهم يشعرون أن آراءهم مهمة، وأفكارهم تستحق الاستماع.
حتى تلك المرات التي ‘يساعدوننا’ فيها في إصلاح شيء وتتحول المساعدة إلى فوضى مرحبة، تضحكون وتقولون ‘المهم أننا حاولنا معاً’. هذه اللحظات هي التي تعلّمهم أن التعاون أهم من الكمال، والمشاركة في المحاولة أهم من النتيجة النهائية.
خريطة طريق للفضول العائلي

أحياناً في نهاية اليوم،حين نجلس لنشرب القهوة، أفكر في كيف أن هذه الرحلة التي نعيشها معاً هي أهم مشروع ابتكاري سنقوم به. ليس لأننا نربى أطفالاً مميزين، بل لأننا نتعلم معهم كيف نكون أفضل نسخة من أنفسنا.
الابتكار المفتوح الذي نقرأ عنه ليس مجرد تقنية معقدة، بل هو عقلية نعيشها كل يوم في البيت. عقلية تقول ‘لنتعلم معاً، لنسأل معاً، لنخطئ معاً، وننهض معاً’. وأنتم يا من تقودون هذه الرحلة بكل حكمة وصبر، أنتم أكبر مصدر إلهام لهم ولنا.
وفي خضم كل هذا, أتذكر دائماً…
ففي النهاية، أكبر ابتكار مفتوح نمارسه هو أن نكون عائلة تتعلم معاً، تنمو معاً، وتحلم معاً. وهذه هي أعظم هدية نقدمها لأطفالنا لمستقبلهم.
