
أتذكر تلك الليلة وأنتِ تجلسين بجانب سرير طفلنا، تتابعين تنفسهم المنتظم بينما يدكِ تمسح خصلات شعرهم برقة. في عينيكِ ذلك المزيج العميق من الحب والقلق والأمل الذي لا ينضب. في تلك اللحظة، أدركت أننا لا نربي أطفالاً فحسب، بل نربي قادة مستقبل. في عالم سريع التغير حيث التحديات تتزايد، تساءلت: كيف نغرس في قلوب صغارنا بذور القيادة الحقيقية – تلك القائمة على التعاطف والمرونة وتحمل المسؤولية؟ أليس هذا ما نريده جميعاً؟
المرونة والشجاعة: سر القيادة التي لا تنكسر

أتذكر يومها حين سقط عن الدراجة لأول مرة. طبعاً، رأيتُ عينيكِ تلمعان بالدموع وأنتِ تمنعين نفسك من الاندفاع إليه، تتركونه ينَهض بنفسه.
في تلك اللحظة، كنتِ تعلّمينه أعظم درس في القيادة: أن السقوط ليس نهاية الطريق، بل بداية جديدة. فعلاً، في عالمنا حيث الضغوط تتزايد، نعلم أن مرونتنا هي ما يحمينا. نرى في عيون أطفالنا تلك القوة الخفية التي تمكّنهم من مواجهة التحديات برأس مرفوع، تماماً كما نفعل نحن عندما نواجه صعوبات الحياة ولا نستسلم.
هذه الشجاعة التي نزرعها فيهم اليوم ستجعلهم قادرين على اتخاذ القرارات الصعبة غداً.
التعاطف والمسؤولية: لغة القلوب التي تقود التغيير

في تلك المساءات التي تجلسين فيها معهم تتحدثين عن مشاعرهم، تشرحين لهم كيف يمكن لكلمة لطيفة أن تغير يوم شخص ما.
أرى في طريقة حديثكِ معهم فنّاً رقيقاً لزرع التعاطف – تلك الجودة التي يحتاجها كل قائد حقيقي.
وبينما نغرس فيهم التعاطف، نعلمهم أيضاً أهمية المسؤولية اليومية في المنزل.
حين نطلب منهم المساعدة في شغل البيت، لا نعلمهم فقط تحمل المسؤولية، بل نعلمهم أن القيادة تبدأ من خدمة الآخرين.
وأضحك حين أتذكر محاولاتنا فهم نوبة غضب طفلنا الصغير – أحياناً أظنها أصعب من إدارة فريق عمل كامل، لكنها بالتأكيد تستحق كل هذا الجهد لتنمية مهارات القيادة عندهم.
الثقة والاستقلالية: بناء قادة قادرين على اتخاذ القرارات

حين تتركونهم يتخذون قراراتهم الصغيرة، أراكِ تزرعين فيهم تلك الثقة التي نحتاجها جميعاً في زمن التحديات. فعلاً، في عيونهم الصغيرة، نرى قادة مستقبليين يتعلمون أن المسؤولية ليست عبئاً، بل امتيازاً.
نعلم أن التخطيط بخطوات صغيرة هو ما يقود إلى أحلام كبيرة. كل مرة نمنحهم فيها خياراً، كل مرة نشجعهم فيها على التعبير عن رأيهم، نكون نبني أساساً متيناً لشخصيات قيادية مستقلة.
هذه الاستثنائية التي نغرسها اليوم ستجعلهم غداً قادرين على قيادة أنفسهم وغيرهم بثقة ومسؤولية.
رحلة العائلة: بناء قادة الغد معاً

في نهاية اليوم، حين نجلس معاً على الأريكة منهكين لكن راضين، أدرك أن تنمية القيادة ليست برنامجاً تدريبياً نطبقه على أطفالنا، بل هي أسلوب حياة نعيشه معاً.
كل لحظة نقضيها معهم، كل تحدٍ نواجهه كعائلة، كل ضحكة نشاركها – كلها لبنات في بناء شخصياتهم القيادية.
في عالمنا العربي حيث تقاليدنا العائلية تشكل أساس مجتمعنا، كما ندمج في عائلتنا بين حكمة الأجداد وابتكارات العصر، نرى في عائلاتنا القوة الجماعية التي ستشكل مستقبلاً أفضل.
ما أجمل هذه الرحلة! كل لحظة نقضيها معهم هي استثمار في قادة المستقبل.
فشكراً لكِ، لكونكِ الشريك الذي يرافقني في هذه الرحلة، ولرؤيتكِ الثاقبة التي ترى في كل طفل قائداً مستقبلياً قادراً على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات بثقة.
المصدر: TJS Cognition Ltd Celebrates Tony J. Selimi’s NYC BIG BOOK AWARD for Climb Greater Heights Win in Leadership, Globe Newswire, 2025-09-29
