
تلك اللحظات الهادئة بعد نوم الأطفال… تجلسين على الأريكة وقد بدا التعب على وجهك الجميل. تتحدثين عن يومك، وكيف اختلف العمل، عن زملاء جدد من الذكاء الاصطناعي يساعدون في المهام. وتلك المهارات الإنسانية التي تمتلكينها – فهم المشاعر، الإبداع في حل المشكلات – هي ما يجعلك مميزة. وفي تلك اللحظة، أفكر: هذا بالضبط ما يجب أن نعلمه لأطفالنا.
ليس مجرد تقنية.. بل طريقة جديدة للوجود معاً

أشاهدكِ أحياناً تشرحين للصغير كيف يعمل روبوت التنظيف… في عينيه نظرة فضول، وفي صوتكِ نبرة الشريكة لا المالكة. تزرعين فيه فكرة التعاون بين الإنسان والآلة.
هذه النظرة نفسها التي أراكِ تنظرين بها إلى زملائكِ الجدد من الذكاء الاصطناعي – نظرة شريكة، لا نظرة مستخدمة. وكأنكِ تقولين له: ‘هذا صديق يساعدنا، ليس خادماً يطيعنا’.
الهدية التي نمنحها لأطفالنا كل يوم دون أن ندري
حين تكونين تحضّرين العشاء والطفل يسأل أسئلته التي لا تنتهي… وصبركِ الجميل في الإجابة، في تشجيعه على التساؤل.
هذا الصبر الذي تمنحينه هو أعظم استثمار في مستقبله. لأن العالم الجديد لا يحتاج إلى من يعرف الإجابات فقط، بل إلى من يعرف طرح الأسئلة الصحيحة.
وأنتِ، في صبركِ اليومي، تعلّمينه هذه المهارة الأكثر قيمة.
حين يصبح اللعب تحضيراً للحياة

أراقبكم أحياناً وأنتم تلعبون معاً – تبنيون قلعة من المكعبات، تحلّون لغزاً، تتفقون على قواعد لعبة جديدة. وأرى في عينيكِ نفس التركيز الذي أراه حين تعملين على مشروع مهم.
نفس القدرة على التعاون، نفس الإبداع في حل المشكلات. هذه اللحظات العائلية البسيطة هي مدرسة المستقبل الحقيقية.
فيها يتعلم أطفالنا أن يكونوا شركاء أذكياء – مع بعضهم البعض، ومعنا، ومع التكنولوجيا التي ستكون جزءاً من عالمهم.
المهارات التي نزرعها حول مائدة الطعام

حين تجلسين مع الصغار تتحدثين عن مشاعرهم، حين تسألينهم: ‘كيف تشعر اليوم؟’، ‘ماذا أحببت في يومك؟’. حين تشجعينهم على التعبير عن فرحهم وحزنهم، على فهم مشاعر الآخرين.
هذه الدروس الصغيرة حول مائدة الطعام، في غرفة المعيشة، في طريق العودة من المدرسة – هي التي تبني فيهم الذكاء العاطفي، تلك المهارة التي ستجعلهم شركاء مميزين في عالم يعمل فيه الجميع – بشر وآلات – معاً.
رحلة العائلة نحو مستقبل نبنيه معاً
أحياناً وأنا أفكر في المستقبل، أتخيل أطفالنا كبالغين يعملون في عالم different تماماً. ثم أذكر وجهكِ وأنتِ تشرحين لهم شيئاً جديداً، صوتكِ الهادئ، عينيكِ الصبورتين.
وأعلم أننا لا نحضرهم لمستقبل مخيف، بل لمستقبل جميل حيث تكون مهاراتهم الإنسانية – التي نزرعها فيهم كل يوم – هي كنزهم الحقيقي.
مستقبل حيث يكونون شركاء مبدعين، لا مستخدمين سلبيين.
المصدر: Why Human-AI Agent Partnerships Spark The New Agent Economy, Forbes, 2025-09-29
