بين الشاشات والقلوب: رحلتنا كوالدين في عالم أطفالنا الرقمي

أب وأم يجلسان على الأريكة يتحدثان عن تربية الأطفال في العصر الرقمي

أتذكر تلك الليلة عندما جلست بجانبك على الأريكة، بعد أن نام الصغار. بين يديك كوب شاي دافئ، وفي عينيك ذلك التعب الممزوج بالقلق الذي أعرفه جيداً. تحدثنا عن كيف ينجذب الصغير إلى الشاشة كما ينجذب النحل إلى الزهرة، وتساءلنا معاً: كيف نحمي براءتهم في عالم أصبحت فيه الشاشات نوافذ تطل على كل شيء؟

اللحظات التي أصبحت فيها الشاشة جسراً لا حاجزاً

أم وطفل يشاركون في استخدام التكنولوجيا معاً بشكل تفاعلي

أراقبك أحياناً وأنت تجلسين مع الصغير، شاشة الجهاز بينكما. لا أرى هناك طفلاً مستسلماً للتكنولوجيا، بل أرى أمّاً تحول اللحظة إلى فرصة. تلك الطريقة التي تختارين بها التطبيقات التي تثير فضوله، وتلك الأسئلة التي تطرحينها عليه: ‘ما الذي تعتقد أن سيحدث لو ضغطنا هنا؟’ في تلك اللحظات، أرى كيف يمكن للشاشة أن تكون مكاناً للقاء لا للانفصال.

أتذكر ذلك المساء عندما جلسنا جميعاً نحل لغزاً رقمياً معاً. ضحكات الصغار وهم يكتشفون الحل، وطريقة نظرتك إليّ وكأنك تقولين: ‘ها نحن نصنع ذكريات حتى في العالم الرقمي’. في عينيك رأيت الفهم أن التكنولوجيا ليست عدوّاً يجب هزيمته، بل أداة يمكن أن نستخدمها معاً.

حين تصبح دروس الأمان الرقمي قصصاً قبل النوم

أسمعك أحياناً تشرحين للصغير عن ‘كلمات السر’ كما تشرحين قصة. ‘هي مثل المفتاح السحري لخزانة ألعابك’، تقولين له. وأبتسم لأني أعرف أن شرح كلمة المرور لطفل في الرابعة؟ قد يكون هذا التحدي أكثر متعة من تعليمه ربط حذائه!

لكنكِ تفعلينها بطريقة تجعل الحماية تبدو كجزء طبيعي من لعبة الاكتشاف. لا تخويفاً ولا ترهيباً، بل حباً ورعاية. وأنا أقف من بعيد أشاهد كيف تبنين جسراً من الثقة بينه وبين هذا العالم الجديد، جسر يمكنه أن يعبره بأمان لأنه يعرف أنكِ على الجانب الآخر تنتظرينه.

الفضول الذي نزرعه اليوم سيصبح إبداعهم غداً

طفل يبتسم أثناء مشاركته في نشاط إبداعي مع التكنولوجيا

عندما أسأل الصغير: ‘ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟’ وأسمعه يتحدث عن ‘مخترع روبوتات’ أو ‘بطل سيبراني’، أعود بذاكرتي إلى تلك اللحظات التي كنا فيها نجلس على الأرض، نحاول معاً فهم كيف تعمل الألعاب التي يلعبها.

أرى في عينيه ذلك الفضول الذي تغرسينه فيه كل يوم. ليس فقط بالإجابات، بل بالأسئلة التي تطرحينها عليه: ‘كيف تعتقد أن هذا يعمل؟’ ‘ماذا لو جربنا هذا؟’ أنتِ لا تعلمينه التكنولوجيا فقط، بل تعلمينه كيف يفكر، كيف يبتكر، كيف يكون إنساناً في عالم رقمي.

وراء كل شاشة، هناك قلب

رحلة لا نخوضها لوحدنا أبداً

في نهاية اليوم، عندما نضع هواتنا جانباً ونجلس معاً، أعلم أن هذه الرحلة الرقمية التي نخوضها مع أطفالنا ليست عن الشاشات والتطبيقات فقط. إنها عن القيم التي ننقلها، عن الحب الذي نمنحه، عن الثقة التي نبنيها.

أنظر إليكِ وأنتِ تتحدثين مع الصغير عن أهمية أن يكون لطيفاً حتى على الإنترنت، وأعلم أننا لا نربي أطفالاً صالحين للعالم الرقمي فقط، بل للعالم الحقيقي أيضاً. عالم حيث التكنولوجيا هي وسيلة وليس غاية، حيث الإنسانية تسبق التكنولوجيا دائماً.

شكراً لأنكِ شريكتي في هذه الرحلة. شكراً لأنكِ تذكريني دائماً أن وراء كل شاشة، هناك قلب.

المصدر: SANS Institute Partners with OAS, Government of Jamaica, and Global Affairs Canada to Expand Cyber Workforce in Jamaica with Youth Training Initiative, Globe Newswire, 2025-09-29

أحدث المقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top