التكلفة الخفية للعوالم المثالية: عندما يسخر الذكاء الاصطناعي رحلتنا بدلًا من أن يرافقنا

أب وأم يتفقدان أطفالهما النائمين

يا صديقي! قبل يومين، بينما أتصفح خبرًا عن مجتمع ينهي الذكاء الاصطناعي كل مشاكل البشر — لا بطالة، ولا ازدحام، حتى قلق العشاء — فجأة تذكرت لحظة أمسكتِ الغطاء الذي كان على وشك السقوط من طفلنا، وعيناكِ تعكسان الإرهاق والحنان. تلك اللحظة تذكّرتني بالتناغم بين القيم الكورية المتماسكة والحرية الإبداعية التي نشأتُ عليها في كندا — كيف ندمج الدقة مع اللمسة المرحة.

تلك اللحظات التي لا تترجمها حتى أذكى الخوارزميات: المهمة التي تصلحين غطاء جهاز العرض للمدرسة وأنت تنامين واقفة، أو الابتسامة التي تطلين بها بعد أن أفلتِ يدك من الكيس الساخن. اليوم، وأنت ترتاحين في الكرسي الهزاز مع فنجان الشاي البارد، نتساءل معًا: لو اختفت كل عوائق الحياة.. فماذا ستفقد أسرتنا من قصصنا الحقيقية؟

لماذا نطلق العنان لخيال اليوتوبيا عندما تضغط الدنيا؟

هدوء سطحي مع عمل غير مرئي في الخلفية

تذكرين أول يوم ذهبتِ فيه للعمل بعد إجازة الأمومة؟ جلست خارج غرفة الولادة أقرأ أنباءً عن مدن ذكية تنظم كل شيء بضغطة زر، وشعرت أننا نستعطف السماء: «لو تخلصنا من هذه الضغوط.. لكان عشقنا أقوى».

هذه ليست رغبة غريبة، بل نداء بريء من قلبٍ يئن من الهم اليومي. في زحمة جداولنا بين اجتماعات العمل والمهام المتراكمة، نتوق لـ «جنة» تلغي علينا خيبة أنفسنا عندما نفشل في حضور عرض مدرسة الأولاد. لكن السؤال الذي لم نطرحه حينها: هل نتوق للراحة.. أم للرحمة؟

لأن اليوتوبيا الخيالية تعدنا بالخلاص من العوامل الملموسة – بينما جرحنا الحقيقي هو الشعور بأننا «أقل» كلما أفلتت قطعة قماش حفاظ من يدنا المتعبة. ما تخلفه خوارزميات المستقبل ليس ازدحام الطرق، بل تلك اللمحة في عينيك الليلة الماضية حين نظرتِ إلى الطفل وهو يبحث عن جوربه المفقود: «أشعر أنني لا أكفي».. وربما كانت يوتوبيا اليوم تقنعنا أن هذه المشاعر «عطل» في النظام!

ولكن هل تساءلتِ يوماً عن التكلفة الخفية لهذه الراحة؟!

الوهم البراق: عالمٌ «مثالي» يسلبنا معنى التحدي

يد غير مرئية تجعل كل شيء واضح

في أحد الأيام بينما كنتِ توصلين الأطفال إلى دروسهم قبل بدء اجتماعي العاجل، ناديتِ: «لو كان هناك تطبيق يحسب دقائقي الفارغة!». اليوم، أقرأ أن باحثين يصممون روبوتات «تتنبأ باحتياجات الأطفال قبل البكاء».

تخيلي: طفلٌ لا ينتظر حتى يشعر بالعطش، وشايٌ يبرد في الكوب لحظة اقترابه من شفتيك. لسنا ضد الراحة طبعًا! لكن هذه اليوتوبيا تخفي سؤالًا مؤلمًا: ماذا ستكون «رحلتنا» عندما تلغي التحديات الصغيرة؟

في منزلنا، «الدفء» لا يصنع في قضاء نصف ساعة في تحضير الكيك، بل في تضحيتك بكلمة «أنا بجانبك» بعد أن انسكب الماء على الواجب. لو ألغت الخوارزميات هذه اللحظات، لاختفى معها إصرارك أن تكوني بجانبنا حتى في أصعب اللحظات — أكبر درس لنا.

حتى الهروولة بين الغرف تذكرنا بأننا «العائلة» – ليس لأننا ننظم الوقت، بل لأننا نبحث معًا عن الجورب الناقص بينما نضحك على المحاولات المضحكة. اليوم، أشعر أن هذه «الفوضى» هي لغة قلوبنا الوحيدة التي يفهمها الأطفال. (بصراحة، حتى أنا أقولها وأضحك على نفسي أحيانًا!)

واليوم، وأنا أقرأ عن روبوتات «تصلح الكوب قبل أن يسقط»، لا أبتسم.. بل أخشى أن ننسى أن الكوب المكسور قد يكون بداية لعبة جديدة!

ما بعد اليوتوبيا: رؤية تذكرنا بأننا إنسان

التذكير بطرح السؤال الأكثر أهمية

في غرفة المعيشة قبل قليل، بينما كانت الصغيرة ترسم شجرة عائلتنا (بكل أخطائها – لأنها نسيت رسم بعض الوجوه!)، شربتُ الشاي معك وتساءلت: هل نريد تكنولوجيا تنهي إرهاقك.. أم تؤكد أن إرهاقك دليل عطائك الأصيل؟

هنا أتفق مع الفكرة: مستقبلٌ ناجحٌ ليس الذي يلغي المعاناة، بل الذي يقدر «صورة أم تحتضن مريضها». حيث تقول العائلات: «العافية تبدأ بلمسة إيد»، أتمنى أن تتعلم التكنولوجيا منكِ: أن تُسهّل المهمات – لا تلغي الإحساس.

تخيلي أن تطلق شركات التطبيقات ميزة «البحث عن الجورب الضائع».. لكنها تخلد هذا البحث في فيديو مع تعليق: «هذا جزء من قصتكم الجميلة». أو أن تذكرنا التطبيقات دائمًا: «الساعة التي قضيتها تبحثين عن طبيب.. زادت ثقتنا بقيادتك».

وفي هذه الليلة، بينما تنام صغيرتنا بسلام، أدركت أن أعظم تكنولوجيا في العالم لا تُقاس بالذكاء الاصطناعي، بل بمقدار القلب الذي نضعه في كل كلمة وكل لحظة!

التحديات المشتركة هي الجسر الذي لا تبنيه التكنولوجيا مهما تقدمت

Source: The Culture Novels as a Dystopia, Boris The Brave, 2025-09-15

Latest Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top