التمسك بالوظيفة: دروس النمو المهني من عيون أطفالنا

طفلة تتردد قبل القفز من الأرجوحة

في يوم من الأيام، بينما كنت أشاهد طفلتي الصغيرة تتردد قبل القفز من الأرجوحة إلى الأرض الناعمة، تذكرت فجأة زملائي في العمل الذين يخشون تغيير وظائفهم والتمسك بها. تلك اللحظة البسيطة كشفت لي تشابهًا مدهشًا بين خوف الأطفال من خطواتهم الأولى وخوف الكبار من تغيير مسارهم المهني. في عالم أصبحت فيه كلمة ‘استقرار’ مرادفة للبقاء في مكان واحد، كيف نجد الشجاعة للتحرك للأمام نحو النمو المهني دون أن نفقد توازننا؟ لكن كيف نطبق هذه الدروس على حياتنا المهنية؟

هل التمسك بالوظيفة حماية أم سجن ذهني يعيق النمو المهني؟

طفل يتردد بين لعبة مألوفة وجديدة

هل لاحظت يومًا كيف يتردد الطفل قبل ترك لعبة مألوفة لتجربة شيء جديد؟ هذا بالضبط ما يحدث مع ظاهرة ‘الالتزام الوظيفي’ التي انتشرت كالنار في الهشيم. الأبحاث تشير إلى أن 95% من المتمسكين بوظائفهم يعزون ذلك لخوفهم من سوق العمل المتقلب، وهذا يعكس الخوف من التغيير، و77% منهم قلقون من تأثير الذكاء الاصطناعي على فرصهم المستقبلية! ألم يحدث لك ذلك؟

في صباح اليوم، بينما كنت أساعد طفلتي في ارتداء حقيبتها المدرسية الصغيرة، تساءلت: هل نحن نعلم أبناءنا الخوف من التغيير أم الشجاعة في مواجهة المجهول؟

تخيل معي: وظيفتك مثل شجرة كبيرة توفّر الظل، مريحة وآمنة. لكن الإفراط في الالتزام بها قد يحولها إلى قفص ذهبي. نعم، الأمان مطلوب، ولكن أليس النمو حقًا طبيعيًا للإنسان لتحقيق التطور المهني كما هو الحال لأطفالنا الذين لا يتوقفون عن تخطي مراحل جديدة؟

ما الثمن الخفي للبقاء في منطقة الراحة المهنية؟

تذكرت حديثًا مع جاري الذي بقي في وظيفته 15 عامًا دون تطور يذكر. الآن، وهو يحاول البحث عن فرص جديدة، يجد نفسه كمن يسبح ضد التيار. الدراسات تظهر أن الموظفين الذين يغيرون وظائفهم ويشجعون على التطور المهني يحصلون على زيادات رواتب أكبر بنسبة 50% مقارنة بمن يبقون في أماكنهم!

هذه ليست مشكلة مالية فحسب، بل تتعلق بالحياة ككل. مثل الطفل الذي يرفض مغادرة حضن أمه للمدرسة، نصبح نحن الكبار أسرى مناطق راحتنا. ولكن ما الحل؟

في إحدى ليالي الشتاء الماضي، بينما كنا نلعب لعبة التركيب معًا، أدركت أن سر النجاح يكمن في التوازن: التمسك بالقيم العربية الأصيلة مع الانفتاح على التغييرات الضرورية في مسارنا المهني.

تمامًا كما نعلم أطفالنا أن يحتفظوا بذكرياتهم الجميلة بينما يتطلعون لاكتشافات جديدة.

خريطة الكنز المهني: كيف نبدأ رحلة التطور المهني دون فقدان البوصلة؟

1. تدريب المهارات الصغيرة اليومية: كما تشجع طفلتك على تعلم كلمة جديدة كل يوم، خصص 20 دقيقة يوميًا لاكتشاف مهارة تناسب عصر الذكاء الاصطناعي لتُدعم تطورك المهني.

2. شبكة الأمان العلاقاتية: مثل علاقات الجيرة الطيبة التي نحرص عليها، ابني جسورًا مهنية تحميك أثناء انتقالك وتساعدك على التغلب على الخوف من التغيير.

3. جواز السفر الذهبي: قم بتحديث سيرتك الذاتية كل 3 أشهر كما تلتقطين صورًا لنمو طفلتك، لتلتقط تطوراتك المهنية.

4. رحلات الاستكشاف الآمنة: ابدأ بمشاريع جانبية صغيرة كما تبدأين مع طفلك بمغامرات في الحديقة المجاورة قبل السفر لبلاد بعيدة لتجنب التمسك بالوظيفة بشكل مفرط.

في نزهتنا الأخيرة إلى حديقة الأشجار العملاقة، لاحظت كيف أن الجذور القوية لا تمنع الشجرة من النمو نحو الأعلى. هذا هو السر الحقيقي: أن نتمسك بقيمنا بينما نتفرع نحو آفاق جديدة.

أسئلة جوهرية حول التمسك بالوظيفة والنمو المهني

س: كيف أعرف إذا كنت أتمسك بوظيفتي بدافع الخوف أم القناعة؟

ج: اسأل نفسك: إذا زال الخوف المالي، هل ستستمر في هذه الوظيفة؟ كما تسألين طفلك: ‘لو لم يكن هناك خوف، ماذا تختار؟’

س: ما هي الإشارات التي تنبهني لضرورة التغيير؟

ج: مثلما تلاحظين على طفلك علامات الملل من ألعابه القديمة، انتبه لتراجع الحماس، تكرار الشكاوى الجسدية، أو إحساس بالجمود الفكري.

س: كيف أوازن بين الاستقرار والنمو المهني؟

ج: شبّه حياتك المهنية برحلة عائلية: تحتاج لخريطة (خطة)، مؤن (مهارات)، واستعداد لتعديل المسار عند الحاجة، مع الحفاظ على روح المغامرة!

في النهاية، تذكر أن أفضل درس نعلمه لأطفالنا هو أن الحياة رحلة متجددة. كما قال حكيم عربي: ‘ليس العار في السقوط، بل في البقاء حيث سقطت’. فلنكن قدوة لأبنائنا في الشجاعة الحكيمة، والتمسك بالقيم مع الانفتاح على النمو. لذلك، دعونا نكون قدوة لأبنائنا في الشجاعة الحكيمة، والتمسك بالقيم مع الانفتاح على النمو.

المصدر: How Job Hugging Could Affect Your Career Long Term, Forbes, 2025-09-16

أحدث المقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top