
أتذكر تلك الليلة بوضوح.. بعد أن هدأت أصوات الأطفال وناموا، جلستِ على الأريكة وقد بدا التعب على ملامحكِ بينما تمسكين بهاتفكِ. نظرت إليكِ وأنا أفكر: كم من اللحظات الجميلة نفقدها ونحن منغمسون في شاشاتنا؟ في زمن يتسارع فيه الذكاء الاصطناعي، كيف يمكننا أن نجعل هذه التقنيات جسراً يربط بين قلوبنا بدلاً من أن يكون حاجزاً يفصلنا؟
التكنولوجيا في حياتنا: أكثر من مجرد أجهزة

أحياناً أراقبكِ وأنتِ تستخدمين التطبيقات الذكية لتنظيم مواعيد الأطفال، أو تبحثين عن طرق تعليمية مبتكرة لهم. أرى في عينيكِ ذلك الأمل في أن تمنحيهم الأفضل دائماً. التكنولوجيا بالنسبة لنا ليست مجرد أجهزة، بل أصبحت جزءاً من لغتنا العائلية، وسيلة نعبر بها عن رعايتنا واهتمامنا.
أتذكر كيف كنا سابقاً نكتب مواعيد الأطفال في دفتر، والآن أصبحت التطبيقات تنبهنا تلقائياً. تعرفين؟ هذا التطور البسيط يظهر لنا كيف ممكن الذكاء الاصطناعي يكون رفيق دربنا العائلي، مو منافس لوقتنا العائلي.
اللحظات التي لا تستطيع التكنولوجيا محاكاتها

في تلك الأمسية عندما جلسنا نتحدث عن يومنا، لاحظت كيف أن ابتسامتكِ تختلف عندما تتحدثين عن إنجازكِ في العمل مقارنةً عندما تحكين عن لحظة مضحكة للصغير في المدرسة. تصدقين؟ هذه التفاصيل الدقيقة، هذه المشاعر الإنسانية العميقة، هي ما يجعل تواصلنا مميزاً.
صحيح أن التكنولوجيا يمكنها أن تنقل المعلومات بسرعة البرق، لكنها لا تستطيع أن تنقل الدفء في نبرة صوتكِ عندما تقولين ‘أحبك’، ولا اللمسة الحنونة عندما تمسكين بيدي بعد يوم طويل.
كيف نصنع توازناً ذكياً؟

أتذكر كيف اتفقنا على أن تكون ساعة العشاء مقدسة، مثل القهوة الصباحية اللي تجمعنا، بدون أجهزة إلكترونية. في البداية كان الأمر صعباً، لكن الآن أصبحت هذه الساعة هي الأغلى في يومنا. نضحك، نتبادل الأحاديث، ونشعر بأننا حقاً مع بعض.
التوازن ليس في التخلي عن التكنولوجيا، بل في استخدامها بذكاء. أن نستفيد من منصات التعلم الإلكتروني مع الأطفال، ثم نغلق الأجهزة ونلعب معهم لعبة تقليدية. أن نستخدم التطبيقات لتنظيم وقتنا، ثم نخصص وقتاً لأنفسنا بدون أي شاشات.
رؤيتنا لمستقبل عائلتنا في هذا العالم الرقمي

أحياناً أسأل نفسي: أي مستقبل نصنعه لأطفالنا؟ هل نريدهم أن ينشأوا وهم يعتقدون أن الحياة كلها شاشات؟ أم نريد أن نعلمهم أن التكنولوجيا أداة رائعة، لكن القلب البشري هو الأروع؟
أرى في عينيكِ نفس القلق والأمل. نريد أن نمنحهم أفضل ما في العالمين: مهارات التعامل مع التكنولوجيا، وقيم التواصل الإنساني الأصيل. نريدهم أن يكونوا أذكياء رقمياً، وأكثر ذكاءً عاطفياً.
خاتمة: قلبنا هو أعظم تقنية

في نهاية اليوم، عندما نضع هواتفنا جانباً ونتحدث عن يومنا، أدرك أن أعظم تقنية نمتلكها هي قلوبنا. التكنولوجيا تتطور بسرعة، لكن حبنا وعاطفتنا تبقى الأسرع والأقوى.
شكراً لأنكِ شريكتي في هذه الرحلة، في تعلمنا كيف نجعل التكنولوجيا جسراً يربط بيننا، لا حاجزاً يفصلنا. لأن في النهاية، أحلى اتصال هو اللي يصير لما نكون حاضرين بقلوبنا، مش بشاشاتنا!
المصدر: Ciena splashes $270m on datacentre networking specialist, TelecomTV, 2025-09-23
