
تخيل معي هذا المشهد… بعد يوم شاق من العمل والرعاية، يجلس أنا وزوجتي في صمت الليل. تلتقط الساعة دقاتها، وفجأة يطرح السؤال نفسه في أذهاننا: ماذا سيكون مستقبل طفلنا؟ هل سبق لك أن نظرت في عيني طفلك وقلبت في بالك: ماذا سيكون مصيره في عالم يسيطر عليه الذكاء الاصطناعي؟
التغيرات التكنولوجية تتسارع، والذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مشهد الوظائف كما نعرفه. هل سنتمكن من توفير حياة كريمة لهم في هذا العالم المتقلب؟
الفكرة ليست مجرد خوف، بل دعوة للتفكير الجماعي في حلول تضمن الكرامة للجميع.
تحت أضواء التحول الكبير

بداية، لننظر للواقع بتأنٍ. بدأ الذكاء الاصطناعي يتولى مهام روتينية في قطاعات مختلفة بشكل لافت. من المصانع الآلية إلى أنظمة خدمة العملاء الذكية، التغيير ليس مجرد تطور تقني – إنه تحول اجتماعي عميق.
هناك قلق مشروع: ماذا عن الوظائف التي قد تتبخر؟ وماذا عن الأشخاص الذين يعتمدون عليها؟
نعم، ستظهر وظائف جديدة، لكن السؤال الذي يبقى: هل سيكون الانتقال عادلاً للجميع؟ كوالد من خلفية كورية-كندي، أرى كيف تتعارض القيم التقليدية مع الواقع الجديد. في كوريا، نحن نؤمن بقوة العمل الجاد، لكن الآن أتساءل: كيف نربي أطفالنا على تقدير العمل مع الاستعداد لعالم قد يختلف تمامًا؟ هذه ليست مجرد أرقام وإحصائيات، بل أحلام عائلات وطموحات آباء.
في ظل هذه التغيرات السريعة، بدأت أفكر في البدائل… هل هناك طريقة نضمن بها أن يحافظ أطفالنا على كرامتهم مهما تغيرت سوق العمل؟
فكرة تلمع في الأفق: الضمان الأساسي للعيش

وسط هذه التساؤلات، بدأ الكثيرون يتحدثون عن مفهوم الدخل الأساسي الشامل. فكرته بسيطة في جوهرها: توفير حد أدنى مالي لكل فرد، بغض النظر عن وظيفته أو وضعه الاجتماعي.
الهدف؟ أن يصبح هذا المبلغ شبكة أمان أساسية.
الصورة التي تراودني: طفلنا الصغير وهو يكبر في عالم لا يخاف فيه من فقدان الكرامة الإنسانية بسبب تغيرات خارجة عن سيطرته.
لكن التساؤلات تظل حاضرة: كيف نضمن استمرارية هذا النظام؟ وهل يمكن أن يصبح حلاً عملياً وليس مجرد حلم؟
بين الواقع والمأمول: حوارات تحتاج إلى ضوء

بالطبع، ليست كل الأمور بهذه البساطة. التحديات حقيقية: من أين سيأتي التمويل؟ كيف نحافظ على دافع العمل والإنجاز؟
ولكن يا تُرى، ماذا لو أتاح هذا الدعم الأساسي للناس فرصة للتفرغ للإبداع أو لرعاية أسرهم؟ تخيلي مجتمعاً لا يُقاس فيه قيمة الإنسان بوظيفته فقط، بل بإنسانيته وإسهاماته المجتمعية.
التجارب الأولية في بعض الدول تظهر إمكانات إيجابية، لكن الطريق لا يزال طويلاً ويتطلب نقاشاً صادقاً وشاملاً.
بناء جسور الأمل: أدوات نتركها لأطفالنا

ربما يكمن جزء من الحل في كيفية إعداد الجيل القادم. المهارات التقليدية لم تعد تكفي.
ما يحتاجه أبناؤنا هو قدرة على التكيف، إبداع لا يخضع للروتين، تفكير نقدي يميز بين الحلول الجاهزة.
لكن الأهم من كل ذلك – كما نعلم جيداً – هو القيم الإنسانية التي نغرسها فيهم: التعاطف، العمل الجماعي، القدرة على رؤية الإنسان وراء كل تطور تكنولوجي. في النهاية، يبقى القلب البشري والعقل المبدع هما الأساس.
خيط نور في نهاية النفق
في آخر الليل، حين يعود الصمت، ندرك أن التحديات مهما كبرت فإن حبنا لأطفالنا أكبر منها.
الحديث عن الدخل الأساسي الشامل أو أي حلول أخرى ليس سوى تعبير عن رغبة جامحة في ترك عالم أفضل لهم. ربما لا توجد إجابات جاهزة، لكن مجرد طرح هذه الأسئلة معاً، كعائلة واحدة كبيرة، هو بداية الطريق.
لأن الأمل الأكبر يكمن في قدرتنا على الحوار، وعلى الإيمان بأن مستقبلاً كريماً لأطفالنا يستحق أن نفكر فيه ونعمل من أجله… معاً.
Source: AI Is Taking Jobs: Could Universal Basic Income Become a Reality?, Newsweek, 2025/09/17 09:00:02.
