
تخيل معي لحظة في حياتك – ربما وقت التقاط ابنتك من المدرسة، أو قبل غيابك عن المنزل لموعد عمل هام. تلك اللحظة الصغيرة حيث ترى عيناها الصغيرتين تملآن بالثقة، وتشعر بالمسؤولية تجاه عائلتك ومشوارك المهني. اليوم، مع تطور الذكاء الاصطناعي بسرعة غير مسبوقة، تتبدلت هذه المخاوف مع الأمل ببيئة عمل تتيح لنا للتركيز على الإنسانية مع الاستفادة من الأتمتة.
هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الموارد البشرية؟ الخوف من الحقيقة
هل سمعتم الأخبار الأخيرة عن الذكاء الاصطناعي الذي يحل محل الموارد البشرية؟ من الطبيعي أن نشعر بقلقنا قليلاً من كل هذا! بعض الشركات قطعت عددًا كبيرًا من موظفي الموارد البشرية وعوضتهم بأنظمة ذكاء اصطناعي. ولكن هل يعني هذا نهاية عصر الموظف البشري في الموارد البشرية؟ بالفعل لا! بل إن هذه التكنولوجيا تفتح أمامنا آفاقًا جديدة للإبداع والنمو.
تتساءلون ربما: كيف يمكن لآلة أن تحل محل الإنس في عالم الموارد البشرية؟ الأمر بسيط – فالذكاء الاصطناعي يركز المهام الروتينية مثل تحليل آلاف السير الذاتية، وتقييم التطبيقات، وإنشاء التقارير الإدارية. أما المهام البشرية مثل التواص الفعال، بناء الثقة، التعاطف مع الموظفين، فهذه تبقى حصرًا للبشر.
في يوم من الأيام، بينما ألعب مع ابنتي في كنبتنا الصغيرة في منزلنا بين ثقافتين (الكندية والكورية)، سألتني بصوتها الناعم: ‘أبي، لماذا لا يمكن للآلة أن تفعل كل شيء؟’ كانت تلك اللحظة كالصاعقة! رغم بساطتها، هذه الكلمات الصغيرة من ابنتي البالغة من العمر سبعة أعوام كشفت عمق قلقنا المستقبلي بطريقة لا تُصدق. ذلك السؤال البسيط جعلني أتفكر كيف سيكون العالم عندما تصبح ابنتي شابة بالغة، وكيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على حياتها المهنية والشخصية. وعندها أدركت أن أطفالنا سينموون في عالم مختلف تمامًا، عالم قد لا نتمكن حتى من تخيله الآن. وعلى غرار طعامنا الممزوج بين نكهات الكيمتشي والبانكيكس في منزلنا، يمكننا أن نمزج بين جمال التقنية البشرية في العمل.
تذكر دائمًا أن الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية لا يهدف إلى الاستبدال بقدرما يهدف إلى تعزيز الإمكانات البشرية.
كيف يتعاون الذكاء الاصطناعي مع الموارد البشرية؟ قوة الجمع

هل تخيلتم يومًا يتعاون فيه الذكاء الاصطناعي مع الموارد البشرية لتحقيق أفضل النتائج؟ هذا هو ما نراه في أماكن العمل المتقدمة اليوم! حيث يركز الروبوتات على المهام الروتينية البحتة، بينما يركز الموظفون البشرون على المهام المعقدة التي تتطلب حكمة وخبرة إنسانية صادقة.
في عالمي المشترك بين الكندا وكوريا، عبرت ابنتي عن فضولها حول كيف تعمل الآلات. فقلت لها: ‘حبيبتي، الذكاء الاصطناعي مثل أداة مساعدة، لكن الحقيقة تأتي من قلوبنا.’ هذه هي الحقيقة في عربة الموارد البشرية؛ فالذكاء الاصطناعي يحلل البيانات، لكن الإنسان يفهم المشاعر والعواطف.
أليس هذا مثيرًا للاهتمام؟ فالمستقبل قد تكون مجموعة من البشر والذكاء الاصطناعي يعملون معًا. تخيلوا مدير موارد بشرية يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل الأداء ثم يخصص الوقت الحقيقي للموظفين الذين يحتاجون إلى دعم شخصي.
لهذا السبب، بدلاً من الخوف من التكنولوجيا، يجب أن نتعلم كيفية الاستفادة منها. فالذكاء الاصطناعي في التعليم قد يساعد أولادنا على التعلم الشخصي، بينما نحن البنونون امدادنا بالحب والدعم الذي لا يمكن لأي آلة توفيره.
تساءلوا أنفسكم: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم عملكم في الموارد البشرية؟
كيف نحافظ على التوازن بين العمل والحياة في عصر الذكاء الاصطناعي؟

العلاقات الإنسية هي القلب النابض لأي منظمة ناجحة، بغض النظر عن مدى تقدم تقنياتنا.
هل سبق لك أن شعرت بالإرهاق من محيط الشاشات والأجهزة؟ هذا هو التحدي الأكبر الذي نواجهه في عصر الذكاء الاصطناعي بينما نحاول الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة.
في أحد الأمسيات، بينما كنت أساعد ابنتي في واجباتها المدرسية، سألتني: ‘هل يعطيتنا التقنية وقتًا للعائلة؟’ كان هذا سؤالاً عميقًا جعلني أفكر في كيفية تقسيم وقتنا بين التقنية التواصل مع أسرتنا. فالعمل في البيئات العصرية التي تحولها التقنية قد يكون صعبًا،لكن يجب أن نتذكر أن الأسرة هي قلب كل شيء.
لماذا لا نستلهم من تجربتنا في التربية كيف يمكننا تطبيقها في مواجهة تحديات عصر الذكاء الاصطناعي؟ أطفالنا بحاجة إلى أن يروا كيف نوازن بين استخدام التكنولوجيا والبقاء متصلين بالعالم الحقيقي. هكذا فقط يمكننا تربيتهم ليصبحوا مدركين للمسؤولية الرقمية.
تذكر دائمًا: فهم احتياجات عائلتك يساعد في بناء عمل أكثر استدامة وحرية. احتفظ بالقيم الأساسية للتواصل المباشر والاحتواء والاهتمام، حتى في بيئة العمل الرقمي.
كيف نستعد لمستقبل الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟

تخيل معي أن مكان عمل المستقبل محفوف بالتحديات والفرص التي لا نستطيع تصورها اليوم. كيف يمكننا الاستعداد لها؟
الخلاصة بسيطة: الاستعداد لمواجهة التغيير يبدأ باكتساب المهارات الجديدة مع الحفاظ على جوهر إنسانيتنا. في عالمنا المزدوج الثقافات (الكورية والكندية)، تعلمنا أن التقاليد والابتكار يمكن أن يجتمعا لتعزيز أفضل ما في كليهما.
في يوم من الأيام، بينما ذهبنا كعائلة لزيارة محيط طبيعي قريب من منزلنا، وجدت ابنتي أحجارًا متشابهة كانوا يشكلون مثل شخصيات في قصة. هذه اللحظة العفوية تعلمت منها أن الإنسان يدرك هذا النوع من الإبدار الذي لا تتمكن الآلة من تقليده.
الاستخدام الحكيم للذكاء الاصطناعي كأداة مع الحفاظ على قيمنا المركزية هو مفتاح المستقبل.

كيف تتعاملون مع تحديات عصر الذكاء الاصطناعي بينما تحافظون على جوهر إنسانيتكم؟ هل ستتمكنون من العثور على توازن بين إرثكم الثقافي والمتطلبات الجديدة للتكنولوجيا؟ هذه الأسئلة تستحق التفكير، لأنها تشكل مستقبل أطفالنا.
في نهاية المطاف، فإن الثقة والروابط الإنسانية هي التي ستحدد نجاح أي منظمة. أليس من الجميل أن نعيش في عالم يمكن للآلات فيه أن تجعل أعمالنا أسهل، بينما نرتبط بشكل أعمق مع بعضنا البعض بالذكاء الاصطناعي كأداة وليس كبديل؟

المصدر: آلة استبدال البشر في الموارد البشرية: رمز لما قد يحدث في أماكن العمل, Irish Times, 2025/09/11
