
هل تساءلت يوماً عما إذا كانت دراستك أو دراسة طفلك ستظل ذات معنى في المستقبل؟ في يوم صيفي مشرق، بينما السماء صافية والجو يبعث على النشاط، خرجت كلمات جاد ترييفي، مؤسس فريق الذكاء الاصطناعي التوليدي الأول في جوجل، لتقلب عالم التعليم رأساً على عقب. عندما قال: “سيكون الذكاء الاصطناعي قد اختفى قبل أن تنهي دراسة الدكتوراه”، لم يكن يتحدث فقط عن تقنية، بل عن مستقبل تعليمي اعتدنا اعتباره ثابتاً. فهل يمكن أن تصبح إنجازاتنا قديمة قبل أن نتخرج؟ وكيف يؤثر تعليم الأطفال في عصر الذكاء الاصطناعي على جيلنا الصغير الذي يتعلم الآن؟ هذا ما سنناقشه اليوم، مع تركيز خاص على دورنا كآباء في هذا التغيير السريع.
كيف سيغير الذكاء الاصطناعي التعليم العالي؟

جاد ترييفي ليس مجرد خبير تقني، بل عاش تفاصيل تطور هذا المجال منذ أن حصل على دكتوراه في الذكاء الاصطناعي من جامعة فلوريدا عام 2012، إلى مغادرته جوجل عام 2021 لبدء شركته الخاصة “إنتيجرال إي آي”. رؤيته اليوم ثورية وتحذيرية في آن واحد. حديثه عن أن “الذكاء الاصطناعي قد يختفي قبل أن تنهي دراسة الدكتوراه” ليس استخفافاً بقيمة الدكتوراه، بل دعوة لإعادة التفكير في الأولويات. فالتطور في هذا المجال سريع جداً لدرجة أن الأبحاث قد تصبح قديمة بمجرد التخرج. إنه أشبه بقطار سريع يمر أمامنا بينما نحاول اللحاق به.
هل نماذج التعليم الحالية تناسب عصر الذكاء الاصطناعي؟

هل تذكرون عندما كنا نرى الدكتوراه كقمة المعرفة؟ الأمور تتغير! فبينما كانت هذه الدرجة تمثل ذروة التخصص والبحث، اليوم تتسارع التطورات في الروبوتات، والأدوية، وأنظمة اللغة الطبيعية بشكل مذهل. ما يُدرَّس حالياً قد يكون بلا قيمة غداً. وكما يؤكد ترييفي، فإن الكثير من التطبيقات ستُحل بفضل الذكاء الاصطناعي قبل أن يتخرج الطلاب الجدد. السؤال الأهم: كيف نعد أبناءنا لمستقبل بهذا القدر من السرعة؟
كيف نعد أطفالنا لعالم متغير بالذكاء الاصطناعي؟

كوالد، عندما أفكر في طفلتي التي تتعلم الآن بفضول وحماس، أعرف أن المهمة ليست فقط إعدادها لمستقبل مجهول، بل تمكينها من صنعه بنفسها. الحل السحري في رأيي؟ أن نغرس فيهم حب التساؤل بدلاً من حفظ الحقائق. أحياناً أراها تتأمل سقوط الأوراق في الخريف أو تسأل كيف تنبت البذور، وفي تلك اللحظات أدرك أن التعلم الحقيقي يولد من الدهشة والفضول. في عصر الذكاء الاصطناعي، قد تكون هذه المهارة أهم من أي شهادة.
لماذا لا تستطيع التكنولوجيا استبدال القيم الإنسانية؟

ما يلفت الانتباه في رؤية ترييفي أنه لا ينكر أهمية التخصص، بل يشدد على أن القيمة الحقيقية تكمن في الدمج بين المعرفة التقنية والقدرات الإنسانية. فحتى لو كانت الشهادات أقل أهمية، تبقى مهارات مثل التعاطف، التعاون، والقدرة على التواصل أشياء لا يمكن للآلات أن تحل محلها. هذا يفتح أمامنا سؤالاً جوهرياً: كيف نربي أطفالنا ليكونوا بشراً أكثر إنسانية في عالم أكثر آلية؟
ما هي خارطة طريق التربية في عصر الذكاء الاصطناعي؟

إذن، كيف يمكننا أن نوجه أطفالنا؟ هنالك ثلاث طرق عملية جربتها: أولاً، تشجيع الفضول الدائم. عندما يسأل طفلنا سؤالاً، يمكن أن نرد بسؤال آخر: “ما رأيك؟” أو “كيف يمكننا التفكير في ذلك؟”. ثانياً، بناء عادة التعلم المستمر، بأن نتعلم نحن معهم ونريهم أن التعلم لا يتوقف. ثالثاً، تنمية الذكاء العاطفي والقدرة على التواصل. هذه المهارات ستظل أثمن من أي تقنية. إنها ليست مجرد نصائح تربوية، بل هي أساس بناء مجتمع قادر على الاستفادة من التطور دون أن يفقد هويته. كما قال ترييفي: “التعليم العالي كما نعرفه على وشك أن يصبح شيئاً من الماضي.” والسؤال الذي يظل عالقاً في الأذهان: هل سنكون جسراً لأطفالنا نحو المستقبل أم حاجزاً أمامهم؟
Source: Ex-Google GenAI founder says “AI is going to be gone by the time you finish a PhD” — higher education degrees can’t keep up, Windows Central, 2025-08-19 15:11:27″
