
أتذكر تلك اللحظة عندما سألتني ابنتي الصغيرة: ‘أبي، هل الروبوتات لها مشاعر مثلنا؟’ وقفت هناك أفكر كيف أجيب على سؤال بهذه البراءة والعمق في نفس الوقت. في عالم يتسارع فيه تطور الذكاء الاصطناعي، تبرز أسئلة أخلاقية عميقة تحتاج إلى إجابات حكيمة. وهذا بالضبط ما أكد عليه الخبراء في ندوة حديثة عن مستقبل الذكاء الاصطناعي. خلاصتهم؟ أن صوت الكنيسة ضروري وحيوي في هذا الحوار العالمي.
ما أهمية الصوت الأخلاقي في عصر الذكاء الاصطناعي؟
في مؤتمر عقد مؤخراً، اجتمع رواد الأعمال والأكاديميون ورجال الدين لمناقشة أخلاقيات تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة في إطار التعليم الاجتماعي الكاثوليكي. أكثر شيء لفت انتباهي، ولامسني كأب، هو الدعوة لهذا الحوار الأعمق بين الكنيسة والأوساط الأكاديمية وقطاع التكنولوجيا لضمان أن ‘عصر الخوارزميات’ يركز على الازدهار البشري، خاصة للمهمشين.
كأب، هذا الكلام يلامس قلبي مباشرة! عندما أرى ابنتي تتفاعل مع التطبيقات التعليمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، أسأل نفسي: هل هذه التقنيات تعزز كرامتها الإنسانية؟ هل تخدم الخير المشترك في سياق الذكاء الاصطناعي وتربية الأطفال؟ هذه ليست مجرد أسئلة تقنية، بل هي أسئلة أخلاقية عميقة تحتاج إلى حكمة تتجاوز الخوارزميات والبيانات.
كيف نوازن بين إمكانيات ومخاطر الذكاء الاصطناعي في الأسرة؟
جيفري هينتون، العالم الذي يطلق عليه ‘عراب الذكاء الاصطناعي’، حذر مؤخراً من أن هناك ‘فرصة 10% إلى 20%’ أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى انقراض البشر خلال الـ30 سنة القادمة. بصراحة، هذا السيناريو مرعب. والمقلق أكثر أن الخبراء الكاثوليك في الذكاء الاصطناعي لا يستبعدونه تماماً.
لكن دعونا لا ننسى الجانب المشرق! تخيلوا القوة الهائلة لهذه التقنية في نشر الخير! فمثلاً، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الكنيسة في إيصال تعاليمها وقيمها الجميلة لأبعد مدى وبكل سهولة. السؤال المهم: كيف نوفق بين هذه الإمكانيات الرائعة والمخاطر المحتملة؟ الجواب يكمن في التوازن والحكمة – تماماً كما نعلم أطفالنا الاعتدال في كل شيء.
ما هو دور الكنيسة كمرشد في عصر الذكاء الاصطناعي؟
كما قال بريان باتريك جرين، خبير الذكاء الاصطناعي: ‘لأن الكنيسة هي واحدة من المؤسسات العالمية القليلة التي أخذت الأخلاقيات بجدية – حتى لو كانت غير قادرة باستمرار على الارتقاء إلى مستوى معاييرها الخاصة – فهي أيضاً واحدة من المؤسسات العالمية القليلة القادرة على تقديم التوجيه الأخلاقي الضروري لجعل العالم مكاناً أفضل.’
هذه النقطة تذكرني بجدالاتنا العائلية حول وقت الشاشة المسموح به. ليست المسألة حول منع التكنولوجيا، بل حول توجيهها واستخدامها بحكمة. الكنيسة لا تريد إيقاف تقدم الذكاء الاصطناعي، بل تريد ضمان أنه يخدم الإنسانية ولا يضر بها.
كيف نطبق هذه الحكمة في تربية أطفالنا؟
- التعليم بالقيم وليس فقط بالمهارات: عندما نقدم لأطفالنا أدوات الذكاء الاصطناعي، لنعلمهم ليس فقط كيفية استخدامها، بل لماذا ولأي غرض. القيم الأخلاقية يجب أن تكون في صلب تعاملنا مع التكنولوجيا.
- الحوار المفتوح: كما دعا الخبراء إلى حوار بين الكنيسة والمطورين، نحتاج إلى حوار مفتوح مع أطفالنا حول الآثار الأخلاقية للتكنولوجيا التي يستخدمونها، خاصة فيما يتعلق بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
- التركيز على الإنسان أولاً: تذكير دائم بأن التكنولوجيا هي أداة لخدمة الإنسان، وليس العكس. حتى أكثر خوارزميات الذكاء الاصطناعي تقدماً يجب أن تبقى تحت سيطرة القيم الإنسانية والأخلاق.
- الاستفادة من الإمكانيات الإيجابية: استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تعزز القيم الإنسانية والتعلم الإيجابي، تماماً كما ذكرت التقارير عن استخدام الكنيسة للذكاء الاصطناعي في نشر التعاليم الدينية.
كيف ننظر إلى مستقبل الذكاء الاصطناعي مع أطفالنا بأمل؟
رغم التحديات، أنا متفائل بمستقبل الذكاء الاصطناعي في أيادٍ حكيمة. كما أشار الخبراء، من المهم أن نعترف بمدى روعة والأهمية الحيوية لاهتمام البابا فرانسيس بالتكنولوجيا.
هذا يذكرني برحلة عائلية أخيرة كنا نخطط لها. استخدمنا تطبيقات ذكية لتنظيم الرحلة، لكن القرارات النهائية كانت مبنية على قيمنا العائلية واحتياجاتنا الإنسانية. هكذا بالضبط يجب أن يكون تعاملنا مع الذكاء الاصطناعي – التكنولوجيا كخادم للإنسان، وليس سيداً عليه.
فلنكن نحن الآباء والأمهات صوت الحكمة والأخلاق في عصر التكنولوجيا، تماماً كما تقود الكنيسة هذه الدعوة على المستوى العالمي. معاً يمكننا ضمان أن ينمو أطفالنا في عالم تخدم فيه التكنولوجيا الإنسانية وتحافظ على كرامتها.
المصدر: Church’s voice ‘vital’ in guiding AI’s future, symposium experts say, Catholic News Agency, 2025/09/05