الوكالة محو الأمية الجديدة؟

هل تتذكر تلك اللحظة التي قرر فيها طفلك الصغير ارتداء ملابسه بنفسه للمرة الأولى؟ ربما كانت القميص مقلوبًا والأحذية على الأقدام الخطأ، لكن نظرة الفخر في عينيه كانت لا تقدر بثمن! هذا بالضبط ما تتحدث عنه الدكتورة صبا قيدواي عندما تؤكد أن الوكالة – القدرة على التصرف والتأثير والإبداع – أصبحت مهارة أساسية في عصر الذكاء الاصطناعي، بل هي محو الأمية الجديدة التي لا يمكن لأي مدرسة أو أسرة تجاهلها.

من العقلية الثابتة إلى عقلية الذكاء الاصطناعي

تشرح الدكتورة قيدواي الفرق بين ثلاث عقليات: العقلية الثابتة التي تقول “لن ألحق أبدًا”، والعقلية النامية التي تقول “سأتعلم”، وعقلية الذكاء الاصطناعي التي تقول “سأتصرف”. هذه العقلية الأخيرة هي التي تمثل الوكالة الحقيقية – حيث يصبح الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل شريكًا في حل المشكلات.

أتذكر عندما حاولت ابنتي الصغيرة بناء برج من المكعبات، بدلاً من أن أساعدها في كل خطوة، شجعتها على التفكير في كيفية جعله أكثر استقرارًا. بعد عدة محاولات، اكتشفت بنفسها أن القاعدة العريضة هي السر! هذه اللحظات الصغيرة من الاستكشاف المستقل هي التي تبني الوكالة لدى أطفالنا.

لماذا الوكالة أهم من أي وقت مضى؟

تشير الأبحاث إلى أن 7٪ فقط من الطلاب في الصفوف 3-12 يتخرجون بمستويات عالية من الوكالة البشرية. هذا رقم مذهل! على الرغم من عقود من الاستثمار في الأجهزة والمنصات الرقمية، إلا أن المشاركة غالبًا ما انخفضت. لقد أغلقنا العديد من الفجوات التكنولوجية، لكننا وسعنا فجوة الوكالة.

في إطار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لمستقبل التعليم والمهارات 2030، تحتل وكالة الطلاب مركز الصدارة في التعلم، حيث تدعو إلى “الوكالة المشتركة”، حيث يشارك الطلاب والمعلمون والمجتمعات في ابتكار حلول للتحديات.

كيف نُنشئ الوكالة في الحياة اليومية؟

وفقًا للأبحاث، هناك خطوات عملية لتنمية الوكالة، مثل الحد من المشتتات (مثل الهواتف) عندما نحتاج إلى التركيز، والحصول على قسط كافٍ من النوم والتغذية والتمارين الرياضية، وإحاطة أنفسنا بأشخاص يشجعوننا ويدعموننا للعمل تجاه أهدافنا، والانفتاح على تعلم أشياء جديدة، وأخذ الوقت للتفكير في القرارات الكبيرة وطرح الأسئلة ووضع خطة.

بناءً على هذا المثال، يمكننا تحويل المهام اليومية إلى فرص لاتخاذ القرارات. كيف نحول هذه التجربة الصغيرة إلى يومياتنا؟

لماذا لا تجرب مع أطفالك؟ اسألهم: “ما هو الشيء الواحد الذي تود تعلمه هذا الأسبوع؟” وشاهد كيف يتحمسون عندما يكونون في مقعد القيادة!

الذكاء الاصطناعي كشريك وليس أداة

كما تقول الدكتورة قيدواي: “الذكاء الاصطناعي ليس أداة؛ إنه زميل”. هذه العبارة تعيد صياغة التكنولوجيا من شيء خارجي إلى شيء متكامل في كيفية حل الناس للمشاكل.

هذا هو جوهر الوكالة في عصر الذكاء الاصطناعي: استخدام الأدوات المتاحة لاتخاذ إجراءات هادفة.

خاتمة: الوكالة كهدية نقدمها للأجيال

في النهاية، الوكالة هي أكثر من مجرد مهارة تعليمية؛ إنها هدية نقدمها لأطفالنا لمساعدتهم على التنقل في عالم سريع التغير. إنها القدرة على التفكير بأنفسهم، والتأثير على عالمهم، وخلق مستقبلهم.

كما يقول المثل العربي: “لا تعطني سمكة، ولكن علمني كيف أصطاد”. في عصر الذكاء الاصطناعي، أصبح هذا القول أكثر صلةً من أي وقت مضى. بدلاً من مجرد إعطاء أطفالنا الإجابات، دعونا نعلمهم كيف يطرحون الأسئلة الصحيحة، وكيف يستخدمون الأدوات المتاحة، وكيف يتصرفون بثقة وهدف.

السؤال الذي أترككم معه اليوم: ما هي الطريقة الصغيرة التي يمكنك من خلالها منح طفلك خيارًا إضافيًا اليوم؟ قد تكون بداية رحلة رائعة نحو تنمية وكالة حقيقية!

Source: Why Agency Is The New Literacy, Forbes, 2025/09/09

أحدث المقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top