أتذكر ليلةً من تلك الليالي، بعد أن نام الصغار، وجلستَ تشاهد الأخبار عن تقلبات السوق. رأيتُ نظرات القلق في عينيكِ وأنت تتساءلين بصوت خافت: “كيف سيكون مستقبلهم في عالم كهذا؟“. في تلك اللحظة، أدركتُ أننا لسنا وحدنا في هذا القلق، لكننا أيضاً لسنا عاجزين أمامه. الحديث الليلي الذي تلا ذلك جعلني أفكر في الكنز الحقيقي الذي نستطيع أن نمنحه لأطفالنا.
المرونة التي نراها في عيونهم
أتذكر عندما كان الطفل يحاول بناء برج من المكعبات، يسقط مرة بعد أخرى، لكنه لا يتوقف عن المحاولة. لكن الأهم من ذلك، في عينيه رأيتُ المرونة التي نتحدث عنها. ليست مجرد كلمة نسمعها في الأخبار، بل هي تلك القدرة على النهوض مرة أخرى، على التكيف، على تجربة طريقة جديدة.
في عالم يتغير بسرعة، أصبحت هذه المهارة أغلى من أي شهادة أو وظيفة. وأنا أشاهدكِ تشجعينهم على طرح الأسئلة، على تجربة أشياء جديدة حتى لو فشلوا، أرى كيف نبني معاً تلك القوة الخفية التي ستكون درعهم في المستقبل.
ليس الأمر متعلقاً بالنجاح المادي فقط، بل بثقتهم بأنفسهم، بمعرفتهم أنهم قادرون على مواجهة التحديات، مهما كانت.
القيم التي تبقى عندما يتغير كل شيء
في أحد الأيام، رأيتُ الطفلة تشارك لعبتها مع طفلة أخرى دون أن نطلب منها. نظرتُ إليكِ وابتسمنا معاً. في تلك اللحظة البسيطة، كنا نرى ثمار ما نزرعه يومياً.
الصدق، التعاطف، المثابرة – هذه ليست مجرد كلمات نرددها، بل هي الأساس الذي نبني عليه شخصيتهم. في عالم قد تتغير فيه الوظائف والتقنيات، تبقى هذه القيم ثابتة، تكون ملاذهم الأمان.
أتذكر مرة عندما حاول الطفل مساعدتي في إصلاح شيء ما، وجعل المهمة أطول، لكنه تعلم أكثر مما لو كان قد نجح من أول مرة. هذه هي الدروس التي لا تنسى.
فضولهم الطبيعي: هدية لا تقدر بثمن
كم مرة سألنا أنفسنا: “ماذا سيعملون عندما يكبرون في مهن قد لا توجد اليوم؟“. الجواب ليس في معرفة المهن المستقبلية، بل في تنمية فضولهم الطبيعي، في تلك النظرة المتسائلة للعالم من حولهم.
أشاهدكِ معهم في الحديقة، تشرحين لهم عن الزهور، عن النمل، عن الغيوم. هذه اللحظات البسيطة هي التي تبني مفكري المستقبل. هم لا يحتاجون إلى مختبرات متطورة، بل إلى مساحة للاستكشاف، للإبداع، للتساؤل.
هذا الفضول هو الذي سيمكنهم من حل مشكلات لم نعرفها بعد، من ابتكار حلول لمخاطر لم تظهر بعد.
استثمارنا الحقيقي فيهم
عندما ننظر إلى الأطفال وهم نيام، ندرك أن أفضل استثمار لا يكون في حساب بنكي، بل في شخصيتهم، في قيمهم، في مرونتهم. هذه هي الضمانة الحقيقية لمستقبلهم.
نحن لا نستطيع أن نحميهم من كل تقلبات العالم، لكننا نستطيع أن نمنحهم الأدوات للتعامل معها. نستطيع أن نبني لهم أساساً متيناً من القيم والمهارات التي تبقى عندما يتغير كل شيء حولهم.
في نهاية اليوم، بعد كل الهموم والتحديات، أعود لأتذكر أننا لسنا وحدنا في هذه الرحلة. هناك الكثير من العائلات التي تسير في نفس الطريق، تبحث عن كيفية إعداد أطفالها لعالم غير مؤكد. لكن الأجمل هو أننا نسير معاً، نتعلم من أخطائنا، نحتفل بنجاحاتنا الصغيرة، ونبني يوماً بعد يوم مستقبلاً لأطفالنا، مستقبلاً قائماً على المرونة والقيم والفضول.
المصدر: Now Up 70% in 2025, Is Intel Stock a Buy, Sell, or Hold for Q4?, Barchart, 2025-10-01