
لا تزال تلك اللحظة عالقة في ذهني، حين رأيتِ نظرة الخوف في عيني الابن وهو يحاول مشاركة فكرته. كان لديه فكرة جميلة يريد مشاركتها، لكنه توقف فجأة كما لو أن شيئاً ما أوقفه. في صمته هذا، رأيتُ انعكاساً لخوفنا نحن الكبار من التعبير. كيف نستطيع أن نبني لأطفالنا مساحة آمنة يشعرون فيها بالأمان ليقولوا ما بداخلهم دون خوف؟
الخوف الذي ننقله دون أن ندري

أحياناً أراقبنا ونحن نتحدث، وألاحظ كيف نتبادل النظرات عندما يقول أحدنا شيئاً ‘غير متوقع’. الأطفال يا عزيزتي يشعرون بخوفنا من التعبير قبل أن نعترف به لأنفسنا. هم يراقبوننا في كل لحظة، ويتعلمون من ردود أفعالنا.
أتذكر ذلك اليوم عندما سألتِني: ‘هل لاحظت كيف توقف عن مشاركة أفكاره في التجمعات؟’ في عينيك رأيت القلق نفسه الذي أشعر به – ذلك الخوف من أن نكون قد علمناهم دون قصد أن بعض الأفكار ‘يجب إخفاؤها’.
عندما نخاف من طرح سؤال أو نتردد في مشاركة رأي مختلف، نعلم أطفالنا درساً صامتاً: ‘من الأفضل أن تبقى صامتاً’.
كيف نبني ‘وقت الأفكار’ الآمن في بيتنا؟

أتذكر كيف تضحكين عندما يقترح الابن فكرة ‘مجنونة’ لترتيب غرفته، أو عندما تريد الابنة أن نزرع ألواناً في الحديقة بدل الزهور. في هذه اللحظات، أرى كيف أن براءتهم تذكرنا بأن الإبداع الحقيقي يأتي من الحرية.
لقد بدأنا نطبق فكرة ‘وقت الأفكار الحرة’ في مساءاتنا، حيث كل فكرة – مهما بدت غريبة – مرحب بها. بدلاً من أن أقول ‘هذا خطأ’، تعلمت منك أن أقول ‘هذه فكرة رائعة’. الفرق بين الكلمتين يا عزيزتي هو الفرق بين طفل يخاف من المشاركة وآخر يتعلم أن رأيه مهم.
وأحياناً أبتسم عندما أتذكر أن بعض أفكارهم ‘الغريبة’ كانت أكثر ذكاءً من خططنا نحن الكبار!
الأسئلة التي يجب أن نسألها لأنفسنا

في تلك الأمسيات الهادئة بعد نوم الجميع، أجلس وأفكر: هل أشعر بالراحة عندما يسألني الابن ‘لماذا’ repeatedly؟ أم أنني أسرع في الإجابة لأنني مشغول؟
أتأمل في ردود فعلي عندما يقولون فكرة تبدو غير معتادة. هل أنظر إليها كفرصة للتعلم أم كشيء يجب تصحيحه؟ لقد علمتني عزيزتي أن الطريقة التي نرد بها على أسئلتهم اليوم ستشكل ثقتهم غداً.
الأصعب هو أن أسأل نفسي: هل أكون قدوة في الشجاعة لهم؟ هل أشارك أفكاري حتى لو كانت مختلفة؟ أم أنني أختار الصمت الآمن؟
من الصمت إلى الكلام: رحلة عائلية نحو الثقة

المساحة الآمنة التي نبنيها لهم في البيت ليست مجرد مكان للكلام، بل هي هدية نقدمها لهم – هدية الثقة بأن أفكارهم تستحق السماع، وأن أسئلتهم مهمة، وأن فضولهم هو كنز يجب الحفاظ عليه.
ثقتك بنفسك هي كنزك الحقيقي، وكل طفل هو عالم من الإبداع ينتظر من يمنحه المساحة لينمو. تخيلوا معي كم سيكون رائعاً أن ينشأ أطفالنا وهم يعلمون أن أفكارهم تستحق أن تُسمع. هذه الهدية التي نقدمها لهم اليوم سترافقهم طوال حياتهم.
في النهاية، ليست المسألة عن كيفية جعل أطفالنا ‘يتحدثون بشكل صحيح’. المسألة هي كيف نحافظ على شجاعتهم في التعبير في عالم يحاول أن يعلمهم الخوف.
كل سؤال يطرحه طفلنا اليوم قد يكون بذرة لثقة الغد. وكل فكرة يشاركها قد تكون الحل لمشكلة لم نعرف بعد أننا نملكها. معاً، يمكننا أن نكون الملاذ الآمن لأفكارهم، المكان الذي يعودون إليه دائماً ويعرفون أنهم فيه أحرار في التعبير.
المصدر: How The Current Climate Of Fear Of Saying Anything Can Kill Innovation, Forbes, 2025-09-20
