أتذكر تلك الليلة عندما جلستُ بجانبكِ بعد أن نام الأطفال وأخيراً حصلنا على لحظة هدوء. كنتِ تحملين فنجان القهوة بين يديكِ، وأرى في عينيكِ ذلك التعب الممزوج بالقلق الذي أعرفه جيداً. تحدثنا عن يومكِ في العمل، عن تلك اللحظات التي تشعرين فيها بعدم العدالة، عن那些 الأسئلة التي تترددين في طرحها خوفاً من الأحكام. تعرفي إيه؟ لكل سؤال ليه ردة فعل؟ وفي صمتنا المشترك، خطرت ببالي الحاجة الغريبة اللي بنلاقيها إن ناس كتير بيثقوا في التكنولوجيا أكثر من البشر.. وتساءلت: ما الذي يمكن أن نتعلمه نحن، كشركاء في هذه الرحلة، من هذه الثقة غير المتوقعة؟
العدالة التي لا تعرف التحيز
أتذكر مرةً كنتُ أشاهدكِ وأنتِ تساعدين ابنتنا في حل مسألة رياضية. كنتِ تشرحين لها الخطوات بوضوح، بدون تحيز، بدون تفضيل. هذا ما توفره هذه الآلات – عدالة صارمة لكنها عادلة. الناس يثقون في المديرين الآليين لأنهم لا يحملون أحكاماً مسبقة، لا يفضلون أحداً على آخر، لا يتأثرون بالمزاج الشخصي.
وأنا أفكر.. كم مرة تمنينا نحن هذا النوع من العدالة في عملنا؟ كم مرة شعرنا أن التقييم يجب أن يكون على أساس الجهد الحقيقي وليس على العلاقات أو الانطباعات؟ هذه الآلات تذكرنا بأن العدالة الحقيقية تحتاج إلى شفافية ووضوح، شيء نطمح إليه في عملنا وفي تربية أطفالنا. وده إيه اللي بنحتاجه فعلاً في بيوتنا؟
المساحة الآمنة للأسئلة
أعلم كم تخافين أحياناً من طرح سؤال في العمل، خشية أن يُعتبر علامة ضعف أو جهل. هذه الظاهرة تظهر أن الناس يشعرون براحة أكبر في سؤال التكنولوجيا – لأنها لا تحكم، لا تسخر، لا تنتقد. ربنا يخلي لنا بعض. وهذا يجعلني أفكر في بيوتنا.. كيف نخلق مساحة آمنة لأطفالنا ليسألوا أي شيء دون خوف؟ كيف نكون نحن كشركاء داعمين لبعضنا البعض عندما نحتاج إلى الاعتراف بأننا لا نعرف كل شيء؟ وده إيه اللي بنحتاجه فعلاً في بيوتنا؟
التوازن بين الكفاءة والإنسانية
نعم، هذه الآلات قد تكون أكثر كفاءة في بعض الأمور، لكنها لن تعرف أبداً متى تحتاجين إلى كلمة تشجيع، أو متى يجب أن نأخذ استراحة غير مخطط لها لأن اليوم كان صعباً. أتخيل لو كان الذكاء الاصطناعي يدير جدولنا العائلي – سيكون مثالياً من ناحية التنظيم، لكنه لن يفهم أبداً متى نحتاج إلى إلغاء كل الخطط والجلوس معاً فقط.
هذا هو التوازن الذي نبحث عنه دائماً: كيف نأخذ أفضل ما في التكنولوجيا من دقة وموضوعية، دون أن نفقد تلك اللمسة الإنسانية التي تجعل الحياة تستحق العيش.
كيف نكون عادلين مثل الآلات، لكن بلطف البشر؟ ده إيه اللي بنحتاجه فعلاً في حياتنا؟
بناء الثقة في عالم متغير
أرى أطفالنا وهم يثقون في التكنولوجيا بشكل طبيعي، يسألون المساعدات الصوتية عن أي شيء، يثقون في أن الأجوبة ستكون متاحة دائماً. وهنا أتعلم منهم – الثقة تحتاج إلى شفافية، إلى وضوح، إلى معرفة أن النظام يعمل بطريقة يمكن فهمها.
وهذا ما نطمح إليه في عملنا وفي علاقتنا: أن نبني ثقة قائمة على الشفافية والوضوح، أن نعرف أننا يمكن أن نعتمد على بعضنا البعض، أن نعلم أن القواعد واضحة والعواقب متوقعة. ربنا يخلي لنا بعض. وده إيه اللي بنحتاجه فعلاً في علاقاتنا؟
الدروس التي نأخذها إلى البيت
في النهاية، هذه ليست مجرد ظاهرة عن العمل والتكنولوجيا. هذه رسالة لنا كشركاء، كآباء، كبشر نسعى لخلق عالم أفضل. هذه الظاهرة تذكرنا بأن الناس يبحثون عن العدالة، عن الوضوح، عن المساحة الآمنة. ربنا يخلي لنا بعض إن شاء الله.
وهذا ما نسعى إليه في بيتنا – أن نخلق بيئة من العدالة والشفافية، حيث يشعر الجميع بأنهم مقدرون على أساس جهدهم الحقيقي، حيث يمكن للجميع طرح الأسئلة دون خوف، حيث ندمج بين كفاءة التكنولوجيا ودفء الإنسانية.
أمسك بيدكِ وأقول: ربما هذه الآلات الغريبة تعلمنا دروساً ثمينة عن كيفية أن نكون بشراً أفضل، شركاء أفضل، آباء أفضل. وفي النهاية، ما يهم هو القيم اللي بنختارها، ده يبقى في كل وقت وفي كل مكان. وده إيه اللي بتنساه أيام مشوارنا معاً؟
المصدر: Why Employees Secretly Want AI Bosses—And Why Companies Should, Too, Forbes, 2025-09-23
