هل تساءلت يوماً سواء كان الشخص الذي تتحدث معه عبر الإنترنت إنساناً حقيقياً؟ سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، بدا مُحرجاً في تغريدة مفاجئة حين اعترف بأنه بدأ يشك حقاً في ذلك! وكم منّا لاحظ هذا التغيير في محادثات أطفالنا اليومية؟
ما هي نظرية الإنترنت الميتة؟ ولماذا يهتم بها سام ألتمان الآن؟
تخيل أنك تدخل حديقة عامة مليئة بالضحكات، ترى وجوهاً مبتسمة… ثم تكتشف فجأةً أن أصوات الأطفال الجميلة تخرج من شاشات ذكية، والوجوه المتحركة ليست سوى دمى إلكترونية! هذه هي ‘نظرية الإنترنت الميتة’ بالضبط: فكرة أن معظم التفاعلات والمحتوى عبر الإنترنت تنطلق الآن من الروبوتات، وليس من بشر حقيقيين. وتُسمى هذه الظاهرة بـ ‘الإنترنت الميت’.
يا للدهشة! الرجل الذي ساعد في إطلاق هذه التقنيات كتب بتواضع ملحوظ (حتى جمله كلها بحروف صغيرة!): ‘لم آخذ نظرية الإنترنت الميتة بجدية أبداً، لكن يبدو أن العديد من حسابات تويتر تستخدم نماذج اللغة الكبيرة (LLM) الآن’. LLM هي التقنية التي تُحرك روبوتات الدردشة مثل ChatGPT.
الأمر المثير حقاً أن الأبحاث تؤكد جزءاً كبيراً من هذا السيناريو – ففي عام ٢٠٢٢، مثلت الروبوتات نصف حركة الإنترنت العالمية تقريباً! ألا نخشى هنا أن يحل روبوت محل الدفء البشري في تعليم أطفالنا؟
كيف يؤثر هذا على أطفالنا؟ ولماذا يجب أن نهتم؟
بناءً على هذه المخاوف، عندما أفكر في ابنتي الصغيرة حين تلعب في الحديقة دون شاشة، وأرى ابتسامتها البريئة بينما ترسم على الورق، يذوب قلبي! هل سيواجه جيلها إنترنتاً خاوياً من الحياة الحقيقية؟
التقارير لا تكذب – الروبوتات قد تشكل ٢٩٪ من المحتوى على بعض المنصات. هذا يعني أن طفلنا قد يتعلم من ‘معلمين’ غير بشريين، أو حتى يثق بروبوتات تتحدث باسم أصدقائه!
ولكن بدل أن نذعر، دعونا ننتهز الفرصة لنصقل في أطفالنا مهاراتٍ ذهبية: القدرة على التمييز بين المحتوى البشري والآلي، التفكير النقدي، والحفاظ على روح المحادثات الحقيقية في عالمٍ رقمي متغير.
كيف تحمي أطفالك من ‘الإنترنت الميت’؟ ٤ نصائح عملية
الحماية هنا ليست بالرفض الكامل للتكنولوجيا، بل بتربية أطفالٍ يفكرون بدراية. هذه أفكار نطبّقها في بيتنا:
١. علمهم التساؤل: شجع أطفالك على طرح أسئلة مثل ‘من صنع هذا المحتوى؟’ و’لماذا تم إنشاؤه؟’. حتى مع الصغار، اجعله لعبة ممتعة: ‘هل تعتقد أن هذا القصة كتبها إنسان، أم روبوت جائع؟’
٢. وازن بين العالمين: مثلما نخلط النكهات في وجباتنا العائلية، ندمج اللعب الورقي مع التقنية بذكاء. فنشجع القراءة من كتب ورقية، والحوارات العائلية دون شاشات، واللعب في الأماكن المفتوحة.
٣. استخدم التكنولوجيا للإبداع: بدل أن يكونوا مستهلكين، اجعلهم مُبدعين! جرّبوا برامج الرسم الرقمي لصنع رسوماتكم الخاصة، أو استخدموا التطبيقات التعليمية لخلق محتوى جماعي.
٤. كن قدوة: الأطفال يقلدون ما يرون. إذا رأوك تبني محادثاتٍ أصيلة مع الجيران، وتحد من وقت شاشتك، سيتابعون خطاك بفرح.
ما مستقبل أطفالنا في عالم ‘الإنترنت الميت’؟
تخيلوا معي: لو استطعنا تربية جيل يرى الذكاء الاصطناعي كصديقٍ يُعزز إبداعه، لا كـ’معلّم’ يُفقده براءته! جيلٌ يفهم التكنولوجيا لكنه يعتز بقيمه الإنسانية الأصيلة: التعاطف، الصدق، والتفاعل الحقيقي.
الإنسانية برحامتها وصدقها هي النور الذي لا تستطيع الآلات إطفاؤه أبداً. فحتى لو ازدادت الروبوتات على الإنترنت، ستبقى الذكريات الحقيقية كـ’رسمة ورقية’ تُمسك بها ابنتي الصغيرة بين يديها دليلاً على عالمٍ حيٍ لم يذوب بعد في الإنترنت الميت.
لذا بينما نتابع أخبار نظرية الإنترنت الميتة، دعونا ن_RECORD_ على أن أعظم ‘تكنولوجيا’ في الكون هي القلب الذي يحب، واليد التي تمسك بيد طفلٍ صغير. هذه هي الكنوز التي لن تستبدلها آلة أبداً.
المصدر: Sam Altman Says He’s Suddenly Worried Dead Internet Theory Is Coming True، Futurism، 2025/09/05 12:00:14