في ليلة حديثة، حلّقت ثلاث طائرات مسيّرة أوكرانية تحت جنح الظلام واتخذت قرارها بنفسها. وهنا، في قلب هذا المشهد، يولد سؤال كبير يقلقنا كآباء: أي عالم سيستيقظ فيه أطفالنا؟
ما هو سرب الطائرات المسيّرة بالذكاء الاصطناعي؟

تخيلوا مجموعة من النحل تطير بتناغم مذهل، كل منها يعرف دوره ويتكيف مع التغيرات في اللحظة… هذا بالضبط ما تفعله طائرات السرب المسيّرة! باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، تتواصل هذه الطائرات مع بعضها البعض، تتخذ قرارات جماعية، وتتكيف مع الظروف المتغيرة – مثل انخفاض بطارية إحداها – دون تدخل بشري مباشر.
في أوكرانيا، أصبح هذا حقيقة واقعة. حيث تستخدم تقنية Swarmer التي تسمح لمجموعات الطائرات المسيّرة بالاتخاذ القرارات بشكل مستقل. وكما يقول الرئيس التنفيذي للشركة: “تحدد الهدف، والطائرات تقوم بالباقي. إنها تعمل معًا، وتتكيف”.
إنه مشهد يذكرني تمامًا بتلك اللحظة التي تخطف الأنفاس، عندما تشاهد طفلك الصغير يتعلم ركوب الدراجة لأول مرة – ذلك التوازن الدقيق بين التحكم والثقة، بين التوجيه والاستقلالية.
ماذا يعني هذا لعالم أطفالنا؟

التقارير تشير إلى أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تزيد فاعلية الهجمات بنسبة 50% مع تقليل الخسائر بنفس النسبة. لكن وراء هذه الأرقام، هناك واقع جديد يتشكل أمام أعيننا.
أطفالنا اليوم – في السابعة من العمر مثل ابنتي – سيكبرون في عالم حيث الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل شريك في اتخاذ القرار. السؤال الذي يراودني كأب: كيف نربي جيلًا يفهم سرب الطائرات المسيّرة ويستخدمها بحكمة، ويحافظ على إنسانيته في نفس الوقت؟
إنه يشبه إلى حد كبير تعليم الأطفال السباحة – نعلمهم الأساسيات، نمنحهم الثقة، ولكننا نبقى قريبين للتأكد من سلامتهم.
ما هي دروس التربية في عصر الذكاء الاصطناعي؟
من خلال متابعة تطور سرب الطائرات المسيّرة، يمكننا استخلاص دروس ثمينة لتربية أطفالنا:
1. التعاون أهم من المنافسة: الطائرات في السرب تعمل معًا، علينا أن نعلم أطفالنا قيمة العمل الجماعي والتعاون. لماذا لا نجرب لعبة عائلية حيث يتعاون الجميع لتحقيق هدف مشترك؟
2. التكيف مهارة أساسية: القدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة – كما تفعل الطائرات عند انخفاض البطارية – مهارة حيوية لأطفالنا. شجعوا أطفالكم على تجربة أشياء جديدة، والتعلم من الأخطاء.
3. التوازن بين التكنولوجيا والإنسان: مع أن الطائرات تتخذ قراراتها، يبقى الإنسان هو من يصرح بالضربة النهائية. هذا يذكرنا بأهمية الحفاظ على التوازن بين الاعتماد على التكنولوجيا والحكمة البشرية.
كيف نعد أطفالنا لمستقبل الذكاء الاصطناعي؟
بدلاً من الخوف من المستقبل، لماذا لا نستخدم هذه اللحظة التاريخية كفرصة لتعليم أطفالنا مهارات جديدة؟
شجعوا الفضول: اسألوا أطفالكم: “كيف تعتقد أن هذه الطائرات المسيّرة تتخذ قراراتها؟” شجعوا تفكيرهم النقدي وخيالهم.
علموهم الأساسيات: كما نعلم الأطفال القراءة والكتابة، يمكننا تعريفهم بمبادئ الذكاء الاصطناعي البسيطة من خلال الألعاب والأنشطة التفاعلية.
التوازن الرقمي: شجعوا أطفالكم على قضاء وقت في الأنشطة الواقعية – اللعب في الحديقة، الرسم، القراءة – إلى جانب استخدام التكنولوجيا.
في النهاية، الأمر يشبه إلى حد كبير إعداد حقيبة سفر للرحلة – نحن لا نعرف بالضبط ماذا سنجد في الطريق، ولكننا نجهز أطفالنا بالمهارات والقيم التي ستساعدهم في أي طريق يختارونه.
كيف يمكن لمستقبل الذكاء الاصطناعي أن يكون أكثر إشراقًا؟
عندما أقرأ عن تقدم الذكاء الاصطناعي في ميادين القتال، يتساءل قلبي الأبوي: أي عالم هذا الذي نبنيه لأطفالنا؟
لكن وسط هذا القلق، يلمع بصيص أمل حقيقي. فالتكنولوجيا التي تستخدم اليوم في سرب الطائرات المسيّر يمكن أن تستخدم غدًا في مجالات أخرى – في الطب، التعليم، حماية البيئة. المفتاح هو في تربية جيل يفهم هذه الأدوية، ويستخدمها لبناء عالم أفضل.
كما تقول الطائرات في السرب: “نعمل معًا، نتكيف”. ربما هذا هو الدرس الأكبر الذي يمكننا تعليمه لأطفالنا – فن التعاون، والتكيف، وبناء المستقبل معًا.
فلماذا لا نجلس مع أطفالنا اليوم، ونخبرهم قصة الطائرات التي تعلمت التحدث مع بعضها، ونسألهم: “كيف ستستخدمون التكنولوجيا لجعل العالم مكانًا أفضل؟”
الإجابة قد تفاجئنا…
المصدر: AI-Powered Drone Swarms Have Now Entered the Battlefield, Slashdot, 2025/09/02
