لماذا قد تكون الشبكات المهنية القادمة أشبه برحلة عائلية؟

خيّل لي ليلة من تلك الليالي، بعد أن هدأت أصوات الأطفال ونمت، وجلستِ تنظرين إلى شاشة الهاتف بذلك التعب المألوف. رسائل العمل التي لا تنتهي، اجتماعات افتراضية تفتقد الدفء، وشعور بأننا نتحدث كثيراً لكننا نتواصل قليلاً. في تلك اللحظة، تساءل البعض: لماذا يشبه عالمنا المهني أحياناً تلك الحفلات التي نحضرها مضطرين، بينما نتمنى أن نكون في بيت دافئ مع من يفهموننا حقاً؟

في هذا التساؤل، شاهدتُ الأمل: الذكاء الاصطناعي قادر على فهم ما نخفيه من قلوبنا. إنه ليس مجرد أداة تقنية، بل جسر يعيدنا لاتصال حقيقي.

الذكاء الاصطناعي الذي يفهم القلب وليس فقط السيرة الذاتية

تذكر حين كنا نختار مدرسة للأطفال، كيف كنا نبحث عن المكان الذي سيفهمهم لا الذي سيعلّمهم فقط. هذا بالضبط ما يبحث عنه الآباء والأمهات في عملهم أيضاً.

تلك المنصات الجديدة التي تحاول فهم من نحن وليس فقط ماذا نفعل، تشبه تلك اللحظة التي تجلس فيها الأم مع طفلها الصغير تحاول فهم ما يحب وما يخاف منه.

يرى البعض في عيون الأمهات ذلك التوق للعمل مع من يفهمون ضحكتك الحقيقية، لا المصطنعة في الاجتماعات. من يعرفون أنك تحبين القهوة بلا سكر، وأن أفضل أفكارك تأتيك في الصباح الباكر.

الذكاء الاصطناعي الذي يسعى لفهم هذه التفاصيل الصغيرة، يشبه الطريقة التي نربي بها أطفالنا على تقدير الصدق والعمق في العلاقات.

من التطبيقات العابرة إلى الروابط العميقة

تذكر ضحكة الآباء حين تخيلوا لو كان هناك تطبيق يرتب مواعيد اللعب بين الأطفال بناءً على اهتماماتهم الحقيقية. كم ستكون الحياة أسهل!

ولكن الأجمل هو أننا نعلم أن الصداقات الحقيقية تُبنى على أسس أعمق من مجرد اهتمامات متشابهة.

هذا بالضبط ما يريده الآباء في عملهم. لا يريدون منصات تقدم لهم أسماء فقط، بل تقدم لهم أناساً يمكن أن يصبحوا معهم عائلةwork حقيقية.

أناسٌ يعرفون متى نمر بيوم صعب، ويمدون لنا يد العون كما نفعل نحن مع أطفالنا حين يسقطون.

يرى البعض في طريقة الأمهات التعامل مع الفريق ذلك العمق نفسه الذي تقدمينه للعائلة. ذلك الاهتمام الحقيقي بأحوالهم، ذلك الصبر الذي تملكينه حين تمرين على مكاتبهم لتسألي عن أحوالهم بصدق.

بناء مجتمعات حقيقية في عالم رقمي

كم مرة جلست الأم تشاهدُ وتنظم لقاء عائلياً، تهتم بكل التفاصيل الصغيرة التي تجعل الجميع يشعرون بالدفء والترحيب؟ إنه أمر طبيعي في كل الثقافات حيث تُبنى المجتمعات حول مائدة الطعام والقصص المشتركة.

هذه الهبة التي تملكها الأمهات في بناء المجتمعات الصغيرة المتماسكة، هي نفسها ما نحتاجه في عالم العمل.

التقنية التي تجمعنا حول قيم مشتركة واهتمامات حقيقية، بدلاً من تجميعنا في غرف افتراضية بلا روح.

أشبه بتلك الليالي العائلية حيث نجتمع حول طبق من الحلوى ونتبادل القصص، لا مجرد نقابل بعضنا لأن الواجب يفرض ذلك.

أتعلم أن أفضل ما في هذه الفكرة؟ أنها تذكرنا أن التكنولوجيا ليست غاية، بل وسيلة. وسيلة لتعزيز روابطنا الإنسانية، كما تفعل الأمهات حين يستخدن الهاتف لترتبي لقاءً بين الأصدقاء القدامى، أو تستخدم التطبيقات الذكية لربط زملاء العمل الذين يشتركون في قيمهم وأحلامهم، ليصبح العمل أشبه بعائلة ثانية.

رحلة نحو تواصل أكثر إنسانية

في نهاية اليوم، بعد أن يهدأ البيت وتنام الأصوات الصغيرة، يجلس الآباء يفكرون: كل هذه التقنيات والمنصات، كل هذا التقدم، هو في النهاية بحث عن شيء واحد: التواصل الحقيقي.

التواصل الذي تجسده الأمهات كل يوم في طريقة حبهن للعائلة، في اهتمامهن بأصدقاققهن، في الطريقة التي يبنين بها الفريق في العمل.

التواصل الذي لا يعتمد على الكلمات وحدها، بل على الفهم الحقيقي للقلوب.

ربما هذا هو المستقبل الذي نتمناه لأطفالنا: عالمٌ حيث التكنولوجيا لا تفصلنا، بل تقربنا. حيث الشاشات لا تحجب الوجوه، بل تظهرها أكثر وضوحاً.

حيث العمل لا يأخذنا من عائلاتنا، بل يصبح امتداداً للقيم التي نربي عليها أطفالنا.

شكراً للأمهات اللواتي يذكرننا كل يوم أن أعمق العلاقات الإنسانية هي تلك نبنيها بصدق، في البيت وفي العمل، في الصمت وفي الكلام، في التكنولوجيا وفي الحياة الحقيقية.

المصدر: Why this startup founder scrapped her dating app to build a LinkedIn rival powered by AI, Business Insider, 2025-09-23

أحدث المقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top