عندما تسأل طفلتك: ‘بابا، هل نستطيع أن نثق بما يقوله الهاتف؟’

أب وابنته يبحثان معاً على جهاز لوحي

ما زلت أتذكر تلك اللحظة بوضوح.. كنا جالسين في غرفتنا والصغيرتان تلعبان، ثم سمعت السؤال الذي لا يزال يتردد في أذني: ‘بابا، هذا التطبيق يقول إن القمر مصنوع من جبن، هل هذا صحيح؟’.. نظرت إليها ونظرت إلي، وكان في عينيها نفس التساؤل الذي يشغل بال كل أب وأم اليوم: كيف نعلم أطفالنا أن يثقوا بما يقرأونه دون أن يفقدوا براءة فضولهم؟

الشفافية التي تبدأ من غرفة الأطفال

طفلة تتحقق من معلومات مع والدها

أحياناً نتأمل في براءة أسئلة الأطفال، وكيف أن هذه الأسئلة البسيطة تحمل في طياتها حكمة كبيرة.. حين تسألنا الصغيرة عن مصداقية ما تقرأه على الشاشة، لم تكن تسأل عن التكنولوجيا فقط، بل كانت تسأل عن القيم التي نريد غرسها فيها: الصدق، والمسؤولية، والفضول المدروس.

أتذكر كيف حاولت أن أشرح لها فكرة ‘التحقق من المعلومات’ بلغة بسيطة.. قلت لها: ‘يا حبيبتي، الأمر يشبه عندما تسألينني عن شيء فأجيبك، ثم تقولين لي: بابا، من أين عرفت هذا؟ فأشرح لك مصدري’.. ضحكت وقالت: ‘أوه، مثلما تفعل معي عندما أسألك عن الواجب المدرسي!’.. نعم يا صغيرتي، تماماً مثل ذلك.

اللحظات التي تبني الثقة بين الأصابع الصغيرة

أختان تتحققان من معلومات معاً

في عالمنا اليوم، حيث التكنولوجيا تتسلل إلى كل زاوية من حياتنا، أصبحت مسؤوليتنا كأهل أكبر من مجرد مراقبة وقت الشاشة.. أصبحت عن كيفية بناء وعي نقدي لدى أطفالنا، وكيف نعلمهم أن يكونوا مستخدمين أذكياء وليس مجرد مستهلكين.

أراها أحياناً وهي تشرح لأختها الصغيرة كيف ‘تتحقق’ من المعلومات.. تقول لها: ‘اسألي بابا، أو ابحثي في الكتاب المدرسي، لا تثقين بالإنترنت فقط’.. وفي تلك اللحظات، أشعر أننا نبني شيئاً أكبر من مجرد عادات رقمية – نبني علاقة ثقة بيننا وبينهم، وبينهم وبين العالم الرقمي الذي سيرافقهم طوال حياتهم.

الهمس بيننا في ظلمة الليل

حوار عائلي حول التكنولوجيا

أتذكر تلك الليلة التي سمعتها تتحدث مع صديقتها عن تحديات التربية في العصر الرقمي.. كانت تقول: ‘المشكلة ليست في التكنولوجيا نفسها، بل في كيف نستخدمها دون أن نفقد إنسانيتها’.. في الصباح، سألتها عن الحديث، فابتسمت تلك الابتسامة التي أعرفها جيداً.

قالت: ‘أتظن أننا سنستطيع حماية براءة أسئلهم في عالم أصبح كل شيء فيه قابلاً للبرمجة؟’.. فأجبتها: ‘طالما أننا نستمع إلى أسئلهم بجدية كما نفعل الآن، فسيبقى هناك مكان للبراءة’.. نظرت إليّ نظرة الامتنان تلك التي تجعل كل التعب يستحق العناء.

الرحلة التي لا تنتهي

اليوم، وأنا أشاهدها وهي تساعد الصغيرتين في البحث عن معلومات لمشروع مدرسي، أدرك أن الثقة التكنولوجية التي نبنيها ليست مجرد مهارة نعلمها لأطفالنا، بل هي علاقة متجددة نعيشها معهم كل يوم.. علاقة تقوم على الحوار المفتوح، والفضول المشترك، والثقة المتبادلة.

في مجتمعنا، حيث العائلة هي اللبنة الأساسية، أصبحت هذه الرحلة التكنولوجية جزءاً من رحلتنا العائلية الأكبر.. رحلة نتعلم فيها معاً كيف نتعامل مع العالم الحديث دون أن نفقد قيمنا، كيف نتبنى الجديد دون أن نتخلى عن الأصيل.

وأنا أكتب هذه الكلمات، أسمعها من الغرفة المجاورة تقول للصغيرة: ‘حسناً، لقد وجدنا الإجابة في التطبيق، والآن دعنا نتحقق منها في الكتاب’.. وأسمع ضحكة ابنتي وهي تقول: ‘مثلما تعلمنا منك يا ماما!’.

في هذه اللحظة، أدرك أن ما نبنيه ليس مجرد ثقة في التكنولوجيا، بل ورثة من قيم العائلة التي ستستنير بها أجيال المستقبل — جيلاً يتعلم أن يكون مسؤولاً وواضحاً، ويحمي إنسانيته بين كل الأرقام والأكواد.

المصدر: EigenCloud launches platform for ‘verifiable’ AI infrastructure, Silicon Angle, 2025-10-01

أحدث المشاركات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top