أولياء الحكمة في زمن الشاشات: بين القلق واليقين

عائلة أطفال تستخدم الشاشات في جو من التفاعل الثقة

تخيل معي تلك الليلة! ابنتي الصغيرة، عيناها تلمعان في الظلام وهي تحاول إخفاء هاتفها تحت الوسائد كأنها مخلوق فضي! قلبي كان كالطبل يدق دون توقف، لكن بدلاً من الصراخ، ابتسمت وقلت: ‘أحبكِ أولاً، دعينا نتحدث!’ تعلمين أن هذا القلق ليس ضعفاً، بل دليلٌ على فطنتكِ!

كيف نحميهم دون أن نكسر جسور الثقة؟

هل سمعتِ من قبل عن ذلك الأب الذي جعل ‘مكالمة الفيديو’ جزءاً من روتين النوم؟

القلق الطبيعي: ليس عيباً بل دليلٌ على حبك

تحويل المخاوف إلى طمأنينة عبر حوار عائلي

أنا أراكِ جيداً، تلك النظرة في عينيك عندما ترفضين طلبهم…

هل تعتقدين أن الآباء الآخرين لا يشعرون بهذا؟

نحن نخفيه ربما، لكننا نشعر به كل ليلةٍ نراهم فيها يحملون الأجهزة كأجزاءٍ من أجسادهم.

مخاوفك ليست ‘جنوناً’ كما يسمونها، بل هي بصيرةٌ أمومية عميقة.

تذكري: عندما تلاحظين أن ابنك يختفي لساعاتٍ دون سبب، هذا ليس إهمالاً منك، بل غريزة حماية طبيعية دفعتكِ إلى السؤال.

أصدقك القول، وجدتُ نفسي أُعدّل إعدادات التطبيقات في سرية ذات مرة.

ثم توقّفتُ… لأنني أدركت أن الخوف الزائد قد يُبعدنا عما نريدهُ حقاً: علاقة صدق تُشعرهم أننا ‘شريك’ وليس ‘الجهاز اللي يوقف اللعبة’.

ومنذ ذلك اليوم، بدأت أفكر بطرق مختلفة لبناء الثقة.

المساحة المُحاطة: ليس سجناً بل حديقةٌ آمنة

السماح باكتشاف المحتوى الرقمي في بيئة آمنة

الكثير منا يعتقد أن ‘السماح للتواصل’ يعني الانفتاح الكامل.

لكنكِ تعرفين جيداً أن العكس صحيح: الطفل الذي يشعر بالأمان مع والديه في العالم الحقيقي يكون أكثر حكمةً في العالم الافتراضي.

فكّري في الأمر كالحديقة المغلقة: نسمح لهم باللعب فيها بحرية، لكننا نتأكد أولاً من عدم وجود أشواكٍ خفية.

الهدف ليس مراقبة كل نقرة، بل أن تصبحي الشخص الذي يعودون إليه عندما تشوشهم الصور

محادثة قصيرة كل أسبوع مثل: ‘ما أجمل شيء رأيته في الإنترنت اليوم؟’ قد تفتح أبواباً لم تخطر على بالك.

التوازن الذي يتنفس: بين ‘لا’ الحازمة و’نعم’ الواثقة

تشارك عائلي في ضبط وقت الشاشات

الحقيقة التي أُدركت في رحلتي: الطفل الذي يُسمح له باستخدام التكنولوجيا مع شرح أسباب التقييد يصبح أكثر وعياً من الذي يُمنَع من الأساس.

ربما تأتي هذه التوازنة من ثقافتين مختلفتين: احترام الكبار في الثقافة الكورية مع التشجيع على الاستقلال في البيئة الكندية.

مثلاً: عندما نسمح لهم بمشاهدة فيديو تعليمي حتى الساعة التاسعة، مع شرح أن ‘العينين تحتاجان للاستراحة قبل النوم’، يختبرون المسؤولية.

أخبرني ولي أمر: ‘كنتُ أحدد وقت الشاشة بدقائق، ثم تحوّل هذا إلى محادثة: لو كان اليوم من قطع زجاج، فكم منها نهدره في الفيديوهات؟’ هكذا جعلهم يفكرون بأنفسهم.

الثقة تُولّد الوعي.

الأجمل: بعد شهر، جاءه ابنه ليقول: ‘أمس خفضتُ وقت اللعبة لأني رأيتُ أمي منهكة’.

والدتي قالت لي يوماً: ‘لا تستبدِل الوجود بوجود الهاتف’.

في اليوم الأول تذمّروا، لكن اليوم… حين يطلب أحدنا ‘أين الهاتف؟’ يجيبون بضحكة: ‘في الغرفة مع العصبي!’.

Source: Kerala explores AI to prevent electrocutions from snapped wires, The Hindu Business Line, 2025-09-17

أحدث المقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top