
في عالم يتغير بسرعة لا تصدق، غالباً ما نشعر وكأننا نقوم بمهمة مستحيلة: كيف نعد أطفالنا لمستقبل الذكاء الاصطناعي لا نعرفه بعد؟
أتذكر تلك الليلة عندما كانت ابنتي في ذلك العمر الذي تبدأ فيه كل جملة بـ”لماذا”، تسأل عن كل شيء حولها.
بينما كنا نجلس في صمت المساء، أومأت برأسي بفخر ودهشة.
هل ‘التوظيف’ هو طريقنا للنجاح في مستقبل الذكاء الاصطناعي؟

في عالم المؤسسات الكبرى، هناك مفهوم مثير للاهتمام: لا يمكن للبنوك أن توظف طريقها إلى مستقبل الذكاء الاصطناعي. بدلاً من ذلك، يركزون على جعل التكنولوجيا متاحة في متناول أكبر عدد ممكن من الموظفين.
هذا المفهوم يذكّرني بوقت شعرت فيه أنني بحاجة لتعليم ابنتي كل شيء عن التكنولوجيا، من البرمجة إلى الأمن السيبراني! لكن الحقيقة، كما تقول الدراسات، أن 72% من مسؤولي البنوك يشعرون أن تغيرات الذكاء الاصطناعي تتجاوز قدرتهم على تدريب موظفيهم. هذا الموقف دفعني للتفكير، وبالمقارنة، كيف يمكننا كآباء وأمهات أن نوجه أطفالنا نحو التمكين بدلاً من مجرد نقل المعرفة؟
الأمر نفسه ينطبق علينا كآباء وأمهات! لا نحتاج إلى أن نخبر كل شيء لأطفالنا. بدلاً من ذلك، دعونا نمنحهم الفرصة لاستكشاف العالم بأنفسهم، مع تقديم الدعم والدليل اللازم. الأمر يشبه تعليمهم ركوب الدراجة – لا يمكنك ركوبها بدلاً عنهم، بل يمكنك مساعدتهم على إيجاد توازنهم الخاص. وهذا ما سيمنحهم القدرة على التفوق في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي القادمة.
كيف ننشئ ‘تمكين التعلم للكل’ في منازلنا لمستقبل الذكاء الاصطناعي؟

لنعد إلى تلك الليلة عندما كنت أجيب على سؤال”لماذا” العاشر لابنتي في غضون دقائق قليلة! في عصر الذكاء الاصطناعي، بدلاً من أن أقدم لها إجابات جاهزة، بدأت في طرح أسئلة أخرى لتحفيز تفكيرها:
- “ما رأيك؟”
- “كيف تعتقد أن هذا يعمل؟”
هذا النهج يدعم فكرة تمكين التعلم للكل – جعل المعرفة في متناول الجميع. في عالم اليوم، لا يكفي أن نملك أحدث الأجهزة أو التطبيقات. الأهم هو خلق بيئة يشعر فيها أطفالنا بالراحة في طرح الأسئلة، وحتى في الاعتراف بعدم معرفة شيء ما. هذا هو ما يجعل التعلم مستمراً وممتعاً! تذكري دائماً أن فضول الطفل هو أفضل معلم له، وأن مهارات البحث عن الإجابات ستكون أكثر قيمة من حفظ الإجابات نفسها.
لماذا تحتاج عائلتك إلى زراعة ثقافة التجربة والخطأ لمستقبل الذكاء الاصطناعي؟

أتذكر تلك المرة عندما قررت ابنتي تجربة رسم وجه على حائط غرفتها بدلاً من الورق! في البداية، شعرت بالإحباط، ثم أدركت أن هذه هي الطريقة التي يتعلم بها الأطفال – من خلال التجربة والخطأ. هذا هو جوهر الثقافة التي يمكننا بناءها في منازلنا. في عالم الذكاء الاصطناعي، أفضل المؤسسات هي تلك التي تشجع الموظفين على تجربة الأفكار الجديدة دون خوف من الفشل. وهذا النهج حيوي لمواجهة مستقبل الذكاء الاصطناعي. نحن كمجتمع الأبو والأمهات، يمكننا أن نخلق نفس البيئة المنزلية! عندما يخطئ طفلك، بدلاً من التركيز على الخطأ، دعي نتائجه تتحدث بنفسها. شجعهم على التفكير في:
- “ماذا لو؟”
- “ماذا لو حاولنا طريقة مختلفة؟”
هذه هي العقلية التي ستساعدهم على الإبداع وحل المشكلات المستقبلية. الذكاء الاصطناعي سيحل بعض المشكلات، لكنه لن يحل المشكلات التي لا نستطيع حتى تخيلها اليوم!
ما هي أهمية الرحلة المستمرة للتعلم في عصر الذكاء الاصطناعي؟

في ذلك الصباح البارد، بينما كانت ابنتي تذهب إلى المدرسة على بعد خطوات قليلة من منزلنا، توقفت للحظة لأرى كيف تتعلم من كل تجربة صغيرة. هذه هي الحقيقة العظيمة: التعلم ليس وجهة، بل رحلة. هذا هو المفتاح لمستقبل الذكاء الاصطناعي – التعلم المستمر والتكيف. في عالم يتغير بسرعة، المهارات التي نملكها اليوم قد تصبح غير ذات أهمية بعد بضع سنوات. لكن القدرة على التعلم بسرعة والتكيف مع التغيير ستكون دائماً قيمة. كيف يمكننا بناء هذه القدرة في أطفالنا؟ ببساطة، جعل التعلم جزءاً طبيعياً من حياتهم اليومية. عندما تتعلمون شيئاً جديداً معاً، عندما تشاركون فضولكم حول موضوع ما، عندما تعترفون بأنكم لا تعرفون كل الإجابات – هذه هي الدروس الأكثر قيمة التي يمكننا إيصالها. أطفالنا سيشاهدون كيف نحن نتعلم، وسيتبعون مثالنا.
كيف نعد أطفالنا لمستقبل مجهول مع تطور الذكاء الاصطناعي؟

بينما أراقب ابنتي وهي تتعلم كيفية بناء قلعة من المكعبات في يوم ممطر، أدركت أن هذه المهارات البسيطة هي ما سيحملها إلى المستقبل. الذكاء الاصطناعي سيتطور، والعالم سيغير شكله، لكن بعض القيم الأساسية ستبقى. عندما نزود أطفالنا بالفضول، والمرونة، والشجاعة للتجربة، نمنحهم الأدوات اللازمة للنجاح في أي مستقبل. نحن لا نعرف ما الذي سيكون مطلوباً منهم وقت يصبحون بالغين، لكننا نعرف أنهم سيحتاجون إلى القدرة على التفكير النقدي، والإبداع، والتعامل مع عدم اليقين. هذه هي المهارات التي نزرعها اليوم من خلال لعبهم وتجاربهم اليومية. لا تقلقي بشأن أن تعلمهم كل شيء عن التكنولوجيا – فذلك مستحيل! بدلاً من ذلك، شجعيهم على التساؤل، والاستكشاف، والتعلم من كل تجربة، سواء كانت ناجحة أم لا. لتمكينهم في زمن الذكاء الاصطناعي.
نحن لا نبني جهازاً تفاعلياً أو روبوتاً، بل نبني إنساناً واعياً ومبدعاً ومستعداً للمستقبل. وهذا هو أعظم استثمار، أليس كذلك؟!
في نهاية كل يوم، عندما أرى ابنتي تنام بسلام بعد يوم مليء بالاستكشاف والتعلم، أشعر بالرضا العميق. يا لها من رحلة مدهشة! أطفالنا ليسوا مجرد مستقبلنا، بل هم المعلمون الأذكياء الذين يذكروننا دائماً بجمال العالم ودهشته. دعونا نستمتع بهذه الرحلة معاً، ونحتفل بكل لحظة تعلم فيها أطفالنا شيئاً جديداً. هذا هو المستقبل الذي يستحق أن نعمل من أجله!
Source: Beyond Hiring: How Banks Can Build An AI-Ready Workforce, Forbes, 2025-09-24
