
في تلك اللحظات الهادئة بعد عودة ابنتي من المدرسة، وهي تفرش ألوانها على الطاولة وتخلق عالماً من الخيال، أتساءل: أي مستقبل ينتظرها؟ اليوم، وأنا أقرأ عن التغيرات الكبيرة في متطلبات الدراسة بالخارج، أشعر أننا كآباء نواجه تحولاً جوهرياً في كيفية إعداد أطفالنا لعالم يبدو أنه يتغير بين عشية وضحاها. الأمر ليس مجرد أخبار عن رسوم تأشيرات، بل هو نداء استيقاظ لنا جميعاً: طيب، كيف ننتقل من التركيز على الدرجات لسباق المهارات؟
كيف ننتقل من التركيز على الدرجات لسباق المهارات في التعليم؟

أتذكر عندما كنت في عمر ابنتي، كان التركيز كله على الدرجات والامتحانات. اليوم، الأمور مختلفة تمامًا! الأخبار عن ارتفاع رسوم التأشيرات ليست مجرد تغيير إداري، بل هي إشارة واضحة أن العالم يطلب شيئاً مختلفاً في تربية الأطفال. لم يعد الأمر مجرد الحصول على شهادة، بل إتقان مهارات حقيقية تواكب احتياجات سوق العمل المتغيرة.
كم هو مذهل أن نرى how قراراً في مكان بعيد يمكن أن يغير خيارات الدراسة والمسارات المهنية للشباب في كل أنحاء العالم! هذا يذكرني بابنتي الصغيرة عندما تبنى برجاً من المكعبات ثم تقرر فجأة تغيير التصميم كله لأن فكرة جديدة خطرت ببالها. الحياة أصبحت تشبه ذلك البرج – يجب أن نتعلم البناء بطريقة تسمح لنا بإعادة التشكيل عندما تتغير الظروف.
لماذا يهم كيف يتعلم الطفل وليس ما يتعلمه؟

في عالم حيث تتغير متطلبات العمل بين ليلة وضحاها، أصبحت القدرة على التعلم المستمر أهم من أي معلومة محددة، وهذا جوهر النصائح الأبوية. ألاحظ هذا مع ابنتي الصغيرة – فهي لا تكتفي بمعرفة الأجوبة، بل تريد دائماً فهم الطريقة. ‘كيف تعمل؟’ ‘لماذا هكذا؟’ أسئلتها التي لا تنتهي هي في الحقيقة أفضل استعداد للمستقبل.
الأبحاث تشير إلى أن العمال الأجانب في مجالات STEM قد زاد عددهم بأكثر من الضعف منذ عام 2000، وهذا يظهر كيف أن المهارات التقنية أصبحت عملة عالمية. لكن السؤال الحقيقي هو: كيف نعلم أطفالنا ليس فقط هذه المهارات، ولكن أيضاً المرونة لتعلم مهارات جديدة عندما تتغير الاحتياجات؟
أحياناً، وأنا أشاهد ابنتي تتعلم برمجة بسيطة عبر ألعابها التعليمية، أدرك أننا لا نعدها لمهنة محددة، بل نعدها لعقلية التعلم الدائم. هذه هي الهجرة الحقيقية التي يجب أن نجهز أطفالنا لها – الهجرة عبر الزمن من مهارات اليوم إلى مهارات الغد.
كيف نوازن بين الجذور الثقافية والأجنحة العالمية في تربية الأطفال؟

في خضم كل هذه التغيرات العالمية، هناك حكمة قديمة تثبت صحتها مرة أخرى: أهم الاستثمارات هي تلك التي نضعها في إنسانيتنا المشتركة. الكرم، التعاطف، العمل الجماعي – هذه المهارات الإنسانية لا يمكن لأي تغيير في التأشيرات أن يجعلها قديمة.
أتذكر جيداً كيف أن ابنتي تعلمت مؤخراً عن الثقافات المختلفة في المدرسة، وكيف فرحت عندما اكتشفت أن الأطفال في كل مكان يحبون اللعب والضحك مثلها تماماً. في عالم قد يصبح فيه السفر والدراسة بالخارج أكثر صعوبة، يمكننا أن نعلم أطفالنا أن الانفتاح على العالم لا يتطلب بالضرورة السفر إليه.
من خلال التكنولوجيا، أصبح بمقدورنا أن نعرض لأطفالنا تنوع العالم من غرفة المعيشة. يمكننا أن نعلمهم أن الإنسانية في كوريا تحب نفس أنواع الأغاني مثل الطفل في كندا، وأن الأسرة في الهند تحتفل بأعيادها بنفس البهجة التي نحتفل بها في بلادنا.
ما هي خطة الأبوة الفعّالة لمستقبل غير متوقع؟

إذا كانت قواعد اللعبة تتغير، فلنغير طريقة لعبنا! بدلاً من التركيز على الوجهة النهائية، لنركز على تطوير مهارات السفر. إليكم ما تعلمته كأب يحاول اجتياز هذا الطريق مع ابنته: نصائح أبوية عملية
أولاً: شجعوا الفضول الطبيعي. عندما تسأل ابنتي ‘لماذا؟’ للمرة المائة اليوم، أذكر نفسي أن هذا ليس مزعجاً بل هو تدريب على التفكير النقدي.
ثانياً: علموهم أن الفشل ليس نهاية الطريق، بل محطة تعلم. كم هو جميل أن نرى عيون الأطفال عندما يدركون أن الخطأ هو مجرد طريقة أخرى للتعلم!
ثالثاً: ركزوا على المهارات الإنسانية. في عالم الآلات، تكون المشاعر الإنسانية هي الأكثر قيمة. التعاطف، الإبداع، العمل الجماعي – هذه هي المهارات التي ستظل صالحة بغض النظر عن أي تغيير في قواعد الهجرة.
رابعاً: استخدموا التكنولوجيا كجسر لا كحاجز. بدلاً من الخوف من الشاشات، لنعلم أطفالنا كيفية استخدامها لاكتشاف العالم وتعلم مهارات جديدة.
لماذا نركز على بناء الإنسان قبل السيرة الذاتية؟

في النهاية، أدركت من خلال هذه النصائح الأبوية أن أهم تأشيرة يمكن أن نحصل عليها لأطفالنا ليست في جواز سفر، بل في عقولهم وقلوبهم. التأشيرة الحقيقية هي القدرة على التكيف، على التعاطف، على الإبداع، وعلى الأمل.
عندما أرى ابنتي تلعب مع أصدقائها من خلفيات مختلفة، أرى المستقبل الذي نبنيه معاً – مستقبل لا يعرف الحدود ليس لأنه يمحوها، بل لأنه يبني جسوراً عبرها.
التغيرات في رسوم التأشيرات قد تغير مسارات، لكنها لا تستطيع تغيير القيم الإنسانية التي نغرسها في أطفالنا. في النهاية، أفضل استعداد للمستقبل هو تربية إنسان قادر على مواجهة أي تغيير، ليس فقط بمهارات تقنية، بل بشخصية قوية وقلب واسع.
فليتغير العالم من حولنا، تبقى مهمتنا الأساسية كما هي: تربية أطفال يحملون في داخلهم البوصلة الأخلاقية والخريطة الإنسانية التي ستقودهم في أي رحلة يختارونها، إلى أي مكان في العالم.
Source: Upskilling cos tailor courses as H-1B fee hike upends plans, Economic Times, 2025/09/23 00:31:00
Latest Posts
