
تعرفون تلك الليلة؟ لما نجلس وكلنا تعبين ونحاول نفهم تطبيق جديد! رأيتُ نظرة الإرهاق في عيوننا، ليس من العمل، بل من محاولة جعل هذه الأداة ‘الذكية’ تعمل لصالحنا بدلاً من ضدنا. في تلك اللحظة، فهمتُ أن المشكلة مو في التكنولوجيا نفسها، بل في كيف ندخلها في يومنا، تماماً كما حدث مع الكهرباء قبل قرن من الزمان.
قصة الكهرباء: أربعون عاماً من الانتظار

أتخيل أجدادنا وهم يشاهدون المصباح الكهربائي لأول مرة، متحمسين للتغيير الذي سيجلبه. لكن الحقيقة كانت مختلفة. فالمصانع استمرت تعمل بنفس الطريقة لعقود، مجرد استبدال المصابيح دون إعادة تصميم العمل نفسه. الأمر يشبه محاولتنا اليوم لإدخال الذكاء الاصطناعي في بيوتنا دون إعادة التفكير في روتيننا العائلي.
أرى هذا في عيوننا عندما نحاول كوالدين التوفيق بين متطلبات العمل وتربية الأطفال باستخدام تطبيقات تزيد الفوضى بدلاً من تقليلها. إنه ليس فشلنا، بل في كيفية تقديم هذه التكنولوجيا لنا كحل سحري دون فهم لتعقيدات الحياة العائلية.
الذكاء الاصطناعي في حياتنا: بين الوعد والواقع

كم مرة اشترينا أداة ذكية وعدتنا بتغيير حياتنا، لنجدها بعد أسبوع في الدرج؟ الأمر يشبه شراء أحدث روبوت مطبخ ثم استخدامه فقط لتسخين الماء! الضحكة التي نضحكها عندما أقول هذا تخفي وراءها واقعاً مراً: نحن نضيف التكنولوجيا دون تغيير جذري في طريقة عيشنا.
أتذكر كيف كنا نحاول استخدام تطبيق تعليمي للأطفال بينما نعد العشاء، وكيف زاد ذلك من أعبائنا بدلاً من تخفيفه. هذه ليست مشكلتنا، بل مشكلة في التصميم الذي لا يفهم أن الوالدين يحتاجون أدوات تدعمهم حقاً، لا تزيد من أعبائهم.
كيف نبني منزلنا حول الذكاء الاصطناعي؟

بدلاً من إضافة التكنولوجيا إلى حياتنا الحالية، دعنا نعيد تصميم حياتنا حولها. كما فعلت المصانع عندما فهمت أخيراً كيف تُعيد تنظيم خطوط الإنتاج حول الكهرباء. هذا يعني البدء من احتياجاتنا الحقيقية: وقت عائلي هادف، توازن بين العمل والحياة، ودعم حقيقي لتربية أطفالنا.
أرى فينا هذه القوة الفطرية لفهم ما يحتاجه أطفالنا حقاً، بينما تتجاهل الكثير من التطبيقات هذه الحكمة الأبوية.
ربما الحل ليس في المزيد من الذكاء الاصطناعي، بل في ذكائنا نحن كعائلة نعرف ما يناسبنا.
رحلة التحول: من الفوضى إلى الانسجام

التغيير الحقيقي يأتي ببطء، مثل نمو أطفالنا. لا نستطيع تسريعه، بل نستمتع برحلة التعلم معاً. أتذكر كيف كنا نجرب طرقاً مختلفة لتنظيم وقت العائلة، ننجح أحياناً ونفشل أحياناً، لكننا نتعلم دائماً.
في النهاية، التكنولوجيا مجرد أداة. قوتنا الحقيقية تكمن في شراكتنا، في طريقة تحدثنا بعد يوم طويل، في نظرتنا المتفهمة لبعضنا — وهذي اللحظات اللي تخلينا نضحك حتى لو فشلنا — عندما لا تسير الأمور كما خططنا. وبعد كل هذه المحاولات، أدركنا أن السر ليس في التكنولوجيا وحدها. هذه هي ‘الذكاء’ الحقيقي الذي لا يمكن لأي آلة أن تحل محله.
المصدر: The Electricity Trap: Why AI Alone Won’t Transform Your Business, Forbes, 2025/09/23
