
تخيل أنك تتصل بخدمة العملاء ويجيبك صوت آلي رتيب… كم مرة شعرت بالإحباط ورغبت في التحدث إلى إنسان حقيقي؟ الأخبار تتحدث عن كيف يغير الذكاء الاصطناعي صناعة مراكز الاتصال، لكن يبدو أن بعض المهام تبقى أفضل في أيدي البشر. أرمن كيراكوسيان، عامل في مركز اتصالات في اليونان، يستخدم الآن الذكاء الاصطناعي للوصول إلى ملفات العملاء الكاملة وتوقع المشكلات قبل التحدث إليهم. لكن ماذا عن تلك اللحظات التي تحتاج فيها إلى فهم إنساني حقيقي؟
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على مراكز الاتصال: كفاءة أم فقدان إنساني؟
وفقًا للأخبار، أصبحت وكالات الذكاء الاصطناعي تتولى المهام الروتينية في مراكز الاتصال. بعض الوظائف فقدت، وهناك توقعات قاتمة حول سوق العمل المستقبلي لهؤلاء الأفراد، تتراوح من خسائر متواضعة بنسبة نقطة مئوية واحدة، إلى فقدان ما يصل إلى نصف جميع وظائف مراكز الاتصال في العقد المقبل. لكن الخسارة لن تطابق التوقعات الأكثر قتامة، لأنه أصبح من الواضح أن الصناعة ستظل بحاجة إلى البشر، ربما بمستويات أعلى من التعلم والتدريب، حيث أصبحت بعض مشكلات خدمة العملاء أكثر صعوبة في الحل.
ومع كل هذه التغييرات، كأهل، لا يسعني إلا التفكير في العالم الذي سيكبر فيه أطفالنا. هل سيكونون مستعدين لعالم حيث تتعاون الآلات والبشر؟ الدراسة تكشف أنه بينما يدرك العملاء فوائد الكفاءة المحتملة للذكاء الاصطناعي، فإنهم ما زالوا يقدرون بشدة التفاعل البشري لما فيه من تعاطف وتخصيص وقدرة على التعامل مع القضايا المعقدة.
لماذا تبقى بعض مهام مراكز الاتصال أفضل مع البشر؟
الكثير مما يتعامل معه هؤلاء الوكلاء يسمونه في المجال “الإصلاح/الكسر”، مما يعني أن شيئًا ما مكسور – أو خاطئ أو محير – ويتوقع العميل أن يقوم الشخص على الهاتف بإصلاح المشكلة. الآن، أصبح السؤال هو: من سيتولى مهمة الإصلاح: إنسان، أو كمبيوتر، أو إنسان معزز بجهاز كمبيوتر.
في الواقع، وجدت دراسة استقصائية أن 71٪ من المستجيبين من الجيل Z يعتقدون أن المكالمات الحية هي أسرع وأسهل طريقة للوصول إلى رعاية العملاء وشرح مشكلاتهم. حتى شركة Klarna السويدية، التي استبدلت 700 من وكلاء خدمة العملاء البالغ عددهم حوالي 3000 بروبوتات الدردشة والذكاء الاصطناعي في عام 2024، وجدت أن هناك حاجة لوكلاء بشريين ذوي مهارات أعلى في ظروف معينة، مثل القضايا المعقدة المتعلقة بسرقة الهوية.
هذا يذكرني بكم مرة يحتاج فيها أطفالنا إلى ذلك الفهم الإنساني الحقيقي – ليس مجرد إجابة تقنية، ولكن التعاطف والتفهم. هل فكرت يومًا كيف يمكن لطفلك أن يتعلم التعاطف في عصر التكنولوجيا؟
كيف نعد أطفالنا لعالم التعاون بين الإنسان والآلة؟
كأهل، قد نقلق بشأن مستقبل أطفالنا في عالم يتقدم فيه الذكاء الاصطناعي. لكن بدلاً من الخوف، لماذا لا نرى هذا كفرصة لتعليمهم مهارات لا تستطيع الآلات محاكاتها؟
التعاطف، والإبداع، والتفكير النقدي، والقدرة على فهم المشاعر الإنسانية المعقدة – هذه هي المهارات التي ستظل قيّمة دائمًا. الدراسة تشير إلى أن الطلبات المعقدة غالبًا ما تتطلب التعاطف والحكم الذي لا يمكن إلا للبشر تقديمه.
شجعوا أطفالكم على اللعب الجماعي والمناقشات العائلية لتعزيز هذه المهارات. بدلاً من مجرد تعلم كيفية استخدام التكنولوجيا، دعونا نعلمهم كيف يبقون إنسانًا في عالم تقني.
ما هو التوازن الصحيح بين الذكاء الاصطناعي والبشر في مراكز الاتصال؟
قال جادي شاميا من Replicant: “رؤيتنا لمركز اتصالات يعتمد على الذكاء الاصطناعي أولاً، حيث تتعامل وكلاء الذكاء الاصطناعي مع غالبية المحادثات ويدعم عدد أقل من الوكلاء البشريين المدربين بشكل أفضل والذين يتقاضون رواتب أفضل المهام الأكثر تعقيدًا فقط، أصبحت سريعًا حقيقة واقعة”.
هذا النموذج من التعاون بين الإنسان والآلة هو ما يمكننا تعليمه لأطفالنا. ليس الأمر بشأن من سيفوز، ولكن كيف يمكننا العمل معًا لخلق شيء أفضل. كما تقول الدراسة، من خلال تمكين الوكلاء البشريين بالمهارات والمعرفة والموارد للتعامل مع التصعيد من تفاعلات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال ومتعاطف، يمكن لمراكز الاتصال خلق تجربة خدمة عملاء سلسة ومرضية تحافظ على اللمسة البشرية.
كمثال عائلي بسيط، فكر في كيفية استخدامنا للتكنولوجيا في رحلاتنا العائلية مثل الذهاب إلى البحر أو زيارة الأقارب – الخرائط الرقمية لتوجيهنا، ولكن التجارب الحقيقية والذكريات التي نصنعها معًا هي التي تهم حقًا.
خاتمة: مستقبل دافئ في عالم تقني
بينما نراقب تطور الذكاء الاصطناعي في مراكز الاتصال وفي العديد من المجالات الأخرى، تذكر أن التكنولوجيا هي مجرد أداة. البشر هم من يعطونها القلب والروح.
فلنحاول أن نربي أطفالاً لا يعرفون فقط كيفية استخدام التكنولوجيا، ولكنهم يفهمون قيم التعاطف، واللطف، والفهم الإنساني. لأن هذه هي الصفات التي، بغض النظر عن مدى تقدم التكنولوجيا، ستظل دائمًا تجعلنا بشرًا.
في النهاية، سواء كان الأمر في مراكز الاتصال أو في منازلنا، الجمع بين كفاءة الآلة ودفء الإنسان هو ما سيخلق مستقبلاً أفضل للجميع.
المصدر: AI shakes up the call center industry, but some tasks are still better left to the humans, Seattlepi, 2025/09/07