
كما كل آباء، أتذكر جلستها الصغيرة على الكرسي وهي ترسم سفينة فضائية بيدها البالغة ٧ سنوات. “أبي” قالت بابتسامة تملأ الغرفة، “هل يختار الروبوت مستقبلي بدلاً عني؟” فتفاجأتُ… لماذا تخاف طفلة من الظلام بينما نعيش في عصر تُضاء فيه الطرق بتقنيات ذكية؟
رفيق في الرحلة لا بديلٌ عن المشاعر
هذا السؤال جعلني ألاحظ شيئاً مدهشاً: لا نريد أن يختار الروبوت أحلام أبنائنا، بل أن يكون كالمصباح الذي كان أجدادنا يحملونه في الصحراء! مثلما استخدموا النجوم خريطة، يصبح الذكاء الاصطناعي دليل عائلتنا الصغير. أتذكر حين جلسنا مع تطبيق بسيط كعائلة، فاستخدمت ابنتي شغفها للرسم لاستكشاف خرائط الذكاء الاصطناعي. لم تكن تبحث عن وظيفة جاهزة، بل عن طريقة تحوّل فرشاة الرسم إلى بوابة لمستقبلها.
لقد تعلمتُ أن الذكاء الاصطناعي ليس ساحراً يتنبأ بالمستقبل، بل كأنه مرشد للرحلة. كالأداة التي تساعد طفلي على اكتشاف مسارات كثيرة دون ضغط، كما لو فتحنا خريطة تفاعلية في حديقتنا المحلية فوجدنا كل زاوية فيها مغامرة جديدة. هذا ما لمسته حين رأيت ابنتي تبتسم وهي تكتشف كيف يحوّل الذكاء الاصطناعي رسوماتها إلى تصاميم ثلاثية الأبعاد!
كيف يزرع الذكاء الاصطناعي بذور المهارات؟
لا أحد ينكر أن عالم أبنائنا تتحكم فيه الخوارزميات، لكن ما يهم حقاً كيف نستخدم هذه الأداة لتعزيز المهارات الحيوية. تخيلوا معي: ماذا لو استخدم ابنتي التي تحب المطر لشرح كيف تُحسّن خرائط الذكاء الاصطناعي القدرة على التفكير؟ فبدلاً من حفظ دروس مملة، صارت تطرح أسئلة مثل “كيف يتنبأ التطبيق بالأمطار؟”. هنا، إكتشفتُ أن التكنولوجيا الذكية تكشف نقاط القوة كمرآة، وتعزز الإبداع الذي يشبه فنجان القهوة الأول في الصباح – ضروري لكنه لا يغني عن الذوق الإنساني.
عندما لاحظتُ ابنتي تربط بين شغفها بالنجوم وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أصبحتُ أدرك: هذا ليس مجرد أداة عابرة. هو كأنها تستخدم التلسكوب الرقمي الذي يفتح أمامها أبواب التصميم الجرافيكي أو استكشاف الكون. فبدلاً من القلق على وظيفتها المستقبلية، بدأتُ أرى في عينيها بريق الباحثة التي تختبر العالم بيديها – تماماً كما كانتْ تختبر العجين وهو يختمر في المطبخ!
كيف نجعل التكنولوجيا تخدم قيمنا الإنسانية؟
لكن الحقيقة الواضحة: التكنولوجيا قد تسرع الحياة حتى تضيع المحادثات. تذكروا تلك الجلسات العائلية تحت النجوم حيث كنا نتبادل القصص؟ لهذا أعطيتُ لنفسي وعداً: لا أدع الشاشة تُطفئ دفء الحديث وجهًا لوجه. مثلما لا أسمح لخرائط الهواتف أن تلغي مشوارنا اليومي إلى المدرسة القريبة، حيث نتحدث عن أحلام اليوم.
الجواب ليس رفض التكنولوجيا، بل دمجها في ثقافتنا. كأن نستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي لحل مشكلات جيراننا: هل يمكن لطفل أن يصمم تطبيقاً يساعد الجدّ على تتبع أدوامه؟ هكذا تعلمنا معاً أن التكنولوجيا ليست هدفاً، بل وسيلة نخدم بها رحلتنا الإنسانية.
خطوات بسيطة… تبدأ من مائدتنا
كما نختبر وصفات جديدة في المطبخ، جرّبتُ مع عائلتي:• الاستكشاف العائلي: جلسنا مع ابنتي وحلّلنا رسوماتها بتطبيق ذكاء اصطناعي بسيط، فانفتح حوارٌ عن المهن التي تحبها.• التساؤل كعائلة: حين سألتُ “كيف تعتقدون أن هذا يعمل؟”، لم تكن إجابات أبنائي نظريّة، بل مسرح لتخيلاتهم!• لمس الواقع: كل ساعة شاشة تتبعها ساعة لعب خارج المنزل – حتى لو كان ذلك يعني الركض وراء الكرة في الحيّ.• أن نكون مثل الشمس: أظهرتُ كيف أستخدم التوظيف الإلكتروني لبحث عملي، لا كمجرد وسيلة تسلية.
اليوم، بينما أرى ابنتي البالغة ٧ سنوات ترسم مستقبلها مع الروبوت على المائدة، أدركتُ الجواب: الذكاء الاصطناعي لم يخلق الفرص، هو مجرد مصباح صغير في رحلة أطفالنا. أما الرسم الأصيل والأحلام الواقية… فَمِنّا نزرعها، وهم ينسجون خيوطها بيدهم الصغيرة. فهل سندخل هذه الرحلة معهم كمرشدين – أو نتركهم وحدهم في الظلام؟