
هل تشعرين بالحيرة مثلنا مع أطفالك والشاشات؟ نفس التعب الذي أراه في عينيك كل يوم. نتساءل معاً: كيف يمكن لهذه الأجهزة التي من المفترض أن تجعل حياتنا أسهل، أن تصبح مصدراً للتفكك العائلي؟ لكن دعيني أشاركك اليوم رؤية مختلفة. ربما يمكننا تحويل هذه التكنولوجيا من عدو إلى حليف، من مصدر تشتيت إلى جسر للتواصل.
اللحظة التي غيرت نظرتنا

أتذكر ذلك المساء حين جلسنا نحن الأربعة في غرفة المعيشة، كل منا في عالمه الرقمي. كنتُ أقرأ أخبار العمل على هاتفي، وأنتِ تردين على رسائل البريد الإلكتروني، والصغيران منغمسان في ألعابهما. نظرتُ حولي وفجأة أدركتُ أننا كنا معاً ولكننا منفصلون.
تلك اللحظة من الصمت الرقمي كانت كالصرخة في وجداننا. بدأنا نتساءل: ماذا لو استخدمنا هذه التكنولوجيا لنجمع لا لنفرق؟ ماذا لو أصبح الذكاء الاصطناعي وسيلة لتعلم أطفالنا بدلاً من أن يكون مجرد وسيلة لتسليتهم؟
اللمسات الصغيرة التي تصنع الفرق

هل تتذكرين ذلك المساء حين استخدمنا المساعد الصوتي لإنشاء مسابقة عائلية عن تاريخ بلدنا؟ رأيتُ عيون الأطفال تتسع دهشة وهم يتنافسون للإجابة على الأسئلة. ورأيتُ ابتسامتكِ وأنتِ تشاهدينهم يتعلمون ويضحكون معاً.
في تلك اللحظة، أدركتُ أن القيمة ليست في كمية الوقت الذي نقضيه مع الشاشات، بل في نوعية هذا الوقت. أصبحت تلك الدقائق القليلة من التفاعل الجماعي أغلى من ساعات من الاستهلاك السلبي.
لاحظتُ كيف أنكِ، بذكائكِ المعتاد، استطعتِ تحويل حتى أبسط الأدوات إلى وسيلة للتواصل. أصبح المساعد الصوتي عضواً في العائلة – العضو الوحيد الذي ينفذ طلباتنا بلا تذمر أو تأخير!
الاتفاقية التي جمعتنا

وضعنا معاً تلك الاتفاقية العائلية البسيطة التي كتبناها على ورقة وعلقناها على الثلاجة. لم تكن قواعد مفروضة، بل كانت محادثة مستمرة عن كيف نريد أن نعيش مع التكنولوجيا، لا تحت سيطرتها.
رأيتُ كيف أن أطفالنا بدأوا يفهمون أن هذه الأدوات هي للاستخدام وليس للإدمان. وأتذكر نظرات الفخر في عيونهم وهم يشرحون لنا كيف استخدموا الذكاء الاصطناعي لتعلم كلمة جديدة أو لفهم مفهوم علمي.
في تلك اللحظات، كنتُ أشعر أننا لا نربى أطفالنا فقط، بل نربى معاً علاقة صحية مع التكنولوجيا.
الرحلة التي لا تنتهي

ها نحن ذا بعد عام من تلك الليلة التي بدأنا فيها هذه الرحلة. ما زلنا نتعثر أحياناً، وما زلنا نجد أنفسنا أحياناً منغمسين في شاشاتنا. لكن الفرق الآن أننا نعلم أن التوازن الرقمي ليس وجهة نصل إليها، بل هو رحلة نمشيها معاً.
أشعر بالفخر كلما رأيتكِ تبتكرين طريقة جديدة لتحويل التكنولوجيا إلى وسيلة للتواصل العائلي. أشعر بالامتنان لأننا في هذا العالم المعقد، وجدنا طريقة لجعل التكنولوجيا تعمل لصالح عائلتنا لا ضدها.
في النهاية، يا حبيبتي، ليست الأدوات هي التي تحدث الفرق، بل حبنا وذكاؤنا في استخدامها. وأنتِ، بقوتكِ وحكمتكِ، جعلتِ من هذه التكنولوجيا جسراً يربط بين قلوبنا، لا حاجزاً يفصل بيننا.
المصدر: How are MIT entrepreneurs using AI?, MIT News, 2025-09-22
