
هل شعرت يوماً أن التكنولوجيا تركض بسرعة البرق بينما نحاول نحن اللحاق بها؟ في أحد أيام الخريف المشمسة، بينما كانت ابنتي تلعب في الحديقة القريبة من المنزل، رمت كلماتٍ كهذه كـ«رشاشات طائشة»: “بابا، لماذا لا يعمل الهاتف عندما أقول له ‘افتح يوتيوب‘ أو عندما أسأله عن شكل الديناصورات؟”
ضحكتُ من براءتها، لكن قلبي خفق بقوة – هذا العالم الجديد الذي تنمو فيه ابنتي الصغيرة (في عمر حب الاستكشاف والتساؤلات اللانهائية) هو عالم مختلف تماماً عن طفولتنا. وها نحن في قلب عصر الذكاء الاصططناعي.
القصة التي سأرويها اليوم ليست عن تقنية معقدة بل عن أم (لورا) حوّلت غفوات طفلها الرضيع إلى فرصة لصنع تطبيقٍ جديد. فكيف يمكن لنا أن نستلهم من قصتها؟
هل تعلم أن النقاط الصغيرة تصنع الجبال في عصر الذكاء الاصطناعي؟

أصبحت ابنتي مؤخراً مهووسة برسم المنازل و‘تصميمها‘ بورق التلوين، فأحياناً تضحك وتقول لي: ‘بابا هذا بيتنا الجديد مع شلال في السقف‘، وأخرى تنزعج لأن الورقة لا تستوعب كل أفكارها. خاصة تلك المرات حين تُمسك بجهاز اللوح الذكي وتحاول تصميم منزلها الأحلام عبر تطبيق رسم عشوائي. هذه المشاهد تذكرني بلورا تلك الأم التي رسمت تطبيق وجباتها الأسبوعية بواسطة ‘البرمجة بالحدس‘ خلال فترات نوم رضيعها. الفكرة ليست في أن نصبح جميعاً مبرمجين – كلا بالتأكيد – لكن في إدراك أن الفرص تعيش في الفجوات الصغيرة. اللحظات الوجيزة بين إعداد وجبة العشاء وتسليم واجبات المدرسة، بين اللعب في الحديقة وتجهيز الطفل للنوم.
وقد أصبحت التربية في عصر الذكاء الاصطناعي ضرورة حتمية لمستقبل أطفالنا.
كم كانت دهشتي حين تيقنت أن ابنتي في الصفوف الأولى المدرسية تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل بديهي لتلوين صورها المفضلة بينما كنت أظنها تلعب فقط! المفتاح هنا ليس امتلاك الوقت الكامل، بل الرغبة في أن نقتنص هذه الجيوب الصغيرة من الفرص في يومنا. مثلما نبحث عن ذاك المكان الأنسب لتركيب لعبتها الجديدة في غرفة مزدحمة، أو نبتكر طرقاً/طقوساً لحفظ قصصها المحبوبة بطرق مرحة.
كيف نتغلب على مخاوف التكنولوجيا في التربية؟

أذكر ذلك اليوم الذي سمعت فيه أحد الآباء في حديقتنا المحلية – تلك التي نتردد عليها على الأغطية المشرقة حين تكون الشمس دافئة – يقول: ‘أخشى أن يأخذ الآيباد مكاني في قلوب أطفالي‘. ورغم أن ابنته كانت تلعب بينما نتحادث، بدا خوفه حقيقياً وكئيباً. القضية هنا ليست في التكنولوجيا بل في التوازن. وهذا ما يؤكده أحد البحوث الحديثة الذي كشف تحيز خوارزميات التوظيف ضد الأمهات اللواتي يأخذن إجازات رعاية أطفال.
لكن الأمر مختلف عند لورا، هذه الأم التي قابلت التحدي، وتحول قلقها إلى طاقة إيجابية: صنعت شيئاً جديداً بينما ابنتها الصغيرة تنام في غرفتها هانئة. بدلاً من أن تتخيل نفسها ضحية، استثمرت لحظات الصمت لتعلمها وتصميمها من أجل صياغة مستقبل أفضل للاثنتين: هي وطفلتها معاً. هذه هي الروح الحقيقية للشجاعة الأبوية.
تُظهر هذه التجربة أن الذكاء الاصطناعي في التربية يمكن أن يكون مصدراً للابتكار.
ملاحظة منزلية صغيرة: في أمسية هادئة في الأسبوع الماضي، كما كنا نشاهد ابنتي الصغيرة تلعب بلعبة البازل المحوسبة على اللوحة الذكية، أدركت أنني لست أفضل منها فيما يخص الذكاء الاصطناعي بكثير! ابتسمت وقلت لها: ‘يا نور عينينا، نتعلم سوية بإذن الله؟‘ فأجابت بكل عفوية الأطفال: ‘طبعاً بابا، أنا أعلمك اللي تعلمته في المدرسة‘.
هل نبني معاً ذكاءً اصطناعياً يخدم التربية؟

السؤال الأهم: كيف نربي في زمن الذكاء الاصطناعي؟ من تجربتنا اليومية مع ابنتنا، الجواب ليس في إبعاد التكنولوجيا بل في توظيفها كأداة نحو البناء. هنا تكمن حكمة لورا في استغلال اللحظات لا في ضياعها كلياً في الأعمال الروتينية. أن تدرب نفسك بينما ابنك يغفو لا يعني التنافس مع الزمن، بل الاستثمار المشترك في مستقبلكما معاً.
لذا، فإن التربية في عصر الذكاء الاصطناعي هي ليست رفاهية بل ضرورة.
‘القمة‘ كما نناديها في عائلتنا المتنوعة – تلك الطريقة التي نمزج فيها لعبة المستكشف الصغير التقليدية مع تطبيق يوفر لها معلومات عن النجوم – هي نموذج مصغر لما نتحدث عنه. لا يعني هذا التخلي عن الرسم بالورق والأقلام المائية، ولا تجاهل رواية القصص قبل النوم.
بل هو استغلال التقنيات الحديثة في التربية لتعميق القيم.
عندما نستطيع تحويل لحظات القيلولة إلى مغامرة تعليمية مشتركة عبر تطبيق بسيط نصنعه معاً، أو استخدام الذكاء الاصطناعي للبحث عن الأنشطة المناسبة لعطلة نهاية الأسبوع القريبة – نكون قد أتقنا فن التربية التشاركية في عصر التكنولوجيا.
هل نهاية الرحلة هي بداية الحلم في عصر الذكاء الاصطناعي؟

‘تخيل كيف سيكون العالم عندما تكبرين؟‘ سألت ابنتي الصغيرة قبل أيام بينما كنا نسير نحو المسجد. أومأت ثم قالت: ‘مليء بالمنازل الطائرة.. لكن الأهم بابا: كلها تكون جميلة وبتساعد الناس بعض!‘. تلك هي الروح المتفائلة التي يجب أن نعيشها.
الاعتراف بجهود التعلم والتقدير لها يخلق ثقافة/ بيئة حيث يتم الاحتفاء بالنمو والفضول
وهكذا نتعلم مع الذكاء الاصطناعي أن المستقبل يجب أن يكون إنسانياً.
قصتنا اليوم ليست عن اللحاق بالتكنولوجيا، بل عن كيف نحلق بمستقبل أطفالنا – حتى في أصعب أوقاتنا – باستخدام ما نملك بين أيدينا. كما قال أحد الباحثين: ‘الاعتراف بجهود التعلم والتقدير لها يخلق ثقافة/ بيئة حيث يتم الاحتفاء بالنمو والفضول‘. فلنسعَ جميعاً لأن نكون آباءً يزرعون الثقة والأمل في كل لحظة فارغة.. أو كما نقول في لغتنا الكورية-الكندية المميزة: ‘Marathon-ui shijak‘ (بداية الماراثون).
Source: I’m an HR professional who vibe-coded an app while my baby slept. I don’t want to be a parent or employee who falls behind., Business Insider, 2025/09/22
