أتذكر تلك النظرة في عينيك وأنت تتصفحين تطبيقاً للذكاء الاصطناعي يساعد في متابعة صحة الصغير.. بين الفضول تجاه الجديد والخوف من المجهول. ويُشير الخبراء (Medcitynews، 2025-09-23) إلى أن هذه التقنيات قد تفتح مناطق قانونية رمادية في الرعاية الصحية. في عالمنا العربي، حيث تختلط نصائح الجدات بابتسامات التكنولوجيا، أصبح الذكاء الاصطناعي ذلك الضيف الذي يدخل بيوتنا حاملاً وعوداً كبيرة.. وأسئلة أكبر.
هل نأتمن الذكاء الاصطناعي على أطفالنا حقاً؟
أراقبك أحياناً وأنت تبحثين عن معلومات تربوية عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. أرى ذلك المزيج من الأمل والحذر في عينيك. كآباء، نشعر جميعاً بهذا التناقض، هذا شعور نعرفه جميعاً. نريد الأفضل لأطفالنا، لكننا نخشى أن تفقد التربية دفئها الإنساني.
في ثقافتنا العربية، حيث العلاقات الإنسانية هي أساس التربية، يصبح سؤال الثقة في الآلة أكثر تعقيداً.. لأن التربية ليست مجرد معلومات، إنها مشاعر وحدس وقلب ينبض بالحب.
حكمة الجدات في عصر التكنولوجيا
في خضم كل هذه التقنيات الحديثة، أجدنا نعود دوماً إلى حكمة أمهاتنا.. ‘العين بصيرة واليد قصيرة’ كما تقول الجدات. هذه الحكمة التي توارثناها عبر الأجيال تذكرنا أن التكنولوجيا يجب أن تكون خادماً للحكمة، لا سيداً عليها.
وأرى في عينيك ذلك التوازن الجميل.. تأخذين من التكنولوجيا ما يفيد، وتحافظين على الحكمة الإنسانية التي لا تعوض. هذا هو التوازن الذي يجعلنا آباء أفضل في زمن الذكاء الاصطناعي.
نصائح عملية للتعامل مع الذكاء الاصطناعي بثقة
من واقع تجربتنا، تعلمنا أن أفضل طريقة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي هي أن نجعله مساعداً لا متخذ قرارات.. أن نستخدمه للحصول على المعلومات، لكن القرار النهائي يبقى بين أيدينا نحن الآباء.
كذلك، من المهم أن نعلم أطفالنا استخدام هذه التقنيات بمسؤولية.. أن نفهمهم أن الذكاء الاصطناعي أداة مفيدة، لكنه لا يحل محل الحكمة الإنسانية والعلاقات العائلية الدافئة.
عندما تخطئ الآلة.. من يكون عندنا؟
أتساءل معك في تلك اللحظات الهادئة: من يمسح دموعنا إذا أخطأ الذكاء الاصطناعي؟ في ثقافتنا العربية، حيث المسؤولية الشخصية هي أساس الثقة، نعلم أن التقنية قد تخطئ، لكن العائلة لا تخطئ في دعم بعضها.
كما نقول في أمثالنا: ‘اللي ما بيعرفش يقول أعرف’.. وهذه التقنيات ما زالت تتعلم، لكننا نحن الآباء نعلم بالفطرة ما هو الأفضل لأطفالنا.
اليد التي تمسك اليد في رحلة التربية
في نهاية اليوم، بعد أن تهدأ الأجهزة وتنام الشاشات، نبقى نحن الاثنين.. أمسك يدك وأتذكر أن أفضل تقنية نملكها هي قدرتنا على الحب، على الاهتمام، على أن نكون هناك لبعضنا عندما يحتاج الأطفال إلينا.
الذكاء الاصطناعي قد يكون أداة رائعة، لكنه لن يحل محل دفء حضن الأم، أو حكمة الأب، أو ضحكات العائلة حول مائدة الطعام.. هذه هي التربية الحقيقية التي لا تعوضها أي تقنية.
