
عندما نخاف على أطفالنا من مخاطر الطريق أو مياه البحر الزائلة، نغطس لإنقاذهم فوراً. لكنّني لاحظت شيئاً يقلقني أكثر: هل نوقف أطفالنا عند كل غموض في الشارع، بينما نسمح للشاشة بتوليد حقائقهم دون وعي؟ مثلما نحذّرهم من ‘التمساح’ في الأمواج الكاذبة، نكتشف اليوم كآباء أن الذكاء الاصطناعي قد يصنع ‘حقائق’ تضيع بين الجزر والضباب. صدقوني، هذا التحدي ليس سهلاً، حتى عندما تعتقد أنك خبير!
ما هو ‘الفهم الوهمي’؟ هل الذكاء الاصطناعي أذكى مما هو عليه؟

لاحظ الباحثون ظاهرة لاحظتها أنا أيضًا: ‘الفهم الوهمي’. تخيل فنجان قهوة صباحي الساخن، يخرج آلياً روتينياً دون فهم لمعنى الراحة. هكذا يعمل بعض نماذج الذكاء الاصطناعي المزيف: يبدو كفيلسوفٍ عميق، لكنه مجرد نسخ ولصق آلي للمعلومات! أذكر أنني قرأت في مقالة حديثة أن هذه النماذج تختلق ‘حقائق’ كأنها تبني قرى وهمية على عجل، مثلما نلعب مع أطفالنا في ألعاب الـ ‘أين المخبأ؟’… فكرتي بسيطة: الذكاء الاصطناعي كطفلٍ يحفظ قواعد لعبة دون أن يعرف كيف يلعبها. تماماً مثلما تحمل يدك الممتلئة قطع بوصلة، وتجدها ترسم خريطة غير قابلة للتنقل!
تتعمق في الموضوع هنا (اضغط للتفصيل)
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي المزيف على أطفالك؟ وما الحل؟

أيام الدراسة، بعد المشي القصير من المدرسة، جلست ابنتي ترسم ديناصوراتٍ ‘اكتشفتها’ في برنامج ذكاء اصطناعي. سألتها: ‘هل رأيت مثل هذه في حديقة الحيوانات؟’ حدقت فيي بعينين بريئتين: ‘لا، لكنه قال لي إنها موجودة!’. في تلك اللحظة، حوّلنا الخرائط الرقمية الزائفة إلى مغامرة: فتحنا مذكرات جدّي الحقيقية عن رحلاته، وبحثنا معاً عن ‘الكنوز’ الموثوقة. التحدي اليومي ليس منعهم من الشاشة، بل أن نساعدهم على التمييز بين ‘الكنز’ الحقيقي والوهمي.
الغد يتوقّف على ما نزرعه اليوم: طفلٌ يميّز الحقائق سيُشيد مجتمعاً أقوى. فلنبدأ رحلة التفكير النقدي كعائلة، خطوة صغيرة كل يوم – مثل سؤال ‘من أين أتيت بهذه المعلومة؟’ أثناء غسل الصحون، أو تصحيح ‘خرافة’ بابتسامة قبل النوم. لأننا لسنا مُعلّمين فقط… نحن الرفاق في هذه المغامرة. التمييز بين الحقيقة والوهم يبدأ ببساطة: لا تقبلوا كل ما تراه الشاشة، بل ابحثوا واسألوا معاً!
