لحظة من فضلكم، تخيلوا معي هذا المشهد: طفلكم الصغير يدردش مع روبوت يشبه الإنسان وكأنه أعز أصدقائه! صدقوني، هذا لم يعد لقطة من فيلم خيال علمي، بل واقع تطرحه شركات مثل “ريال بوتيكس” في معارض عالمية. وهنا، يقفز إلى ذهني السؤال الذي يؤرق كل أب وأم: يا ترى، كيف سيؤثر هذا العالم الجديد على قلوب أطفالنا البريئة وقدرتهم على بناء علاقات إنسانية حقيقية؟
ما هي ثورة الروبوتات البشرية، وما أبرز تحدياتها؟
الرئيس التنفيذي لشركة “ريال بوتيكس” يستعد لإبهار العالم في واحد من أكبر الأحداث التقنية. يتحدثون عن روبوتات مثل ‘آريا’ التي تدمج بين الذكاء الاصطناعي الفائق والتفاعل الذي يبدو طبيعياً، وهذا بحد ذاته يفتح أبواباً لعالم جديد تماماً في علاقتنا مع التكنولوجيا.
ولكن، وهنا الجزء المثير للاهتمام، الأبحاث بدأت تكشف بعض التحديات الواقعية. تخيلوا، دراسة أُجريت في مكتبة بأستراليا وجدت أن شكل الروبوت الشبيه بالبشر يجعلنا نتوقع منه الكثير، أكثر من قدراته الحقيقية، وهذا يصيب الناس بالإحباط! وهذا منطقي جداً، أليس كذلك؟ أفكر أحياناً في طفلتي وهي تحاول أن تلعب مع روبوت بنفس الطريقة التي تلعب بها مع صديقتها، لتكتشف أن ردوده محدودة، وقد تشعر بخيبة أمل بسيطة.
وهل تصدقون هذا؟ انخفضت تكلفة هذه الروبوتات بنسبة 40% في آخر عامين فقط! في حين أن تكاليف العمالة في أوروبا ارتفعت بنسبة 5%. هذه المعادلة تعني شيئاً واحداً: سنرى هذه الروبوتات في كل مكان حولنا، من المصانع إلى المتاجر، وبسرعة أكبر مما نتخيل!
كيف نربي أطفالنا في عصر الروبوتات والذكاء الاصطناعي؟
كثيراً ما أسرح بخيالي وأتساءل: كيف سيبدو عالم أطفالنا حين يكبرون؟ نسمع تقارير تتحدث عن اختفاء 20 مليون وظيفة بحلول عام 2030 بسبب الروبوتات. هل يجب أن نشعر بالقلق؟
جوابي هو: لا، بل على العكس تماماً! هذه فرصة ذهبية لنجهز أطفالنا بمهارات لا مثيل لها. فكروا معي: طفل يتعلم البرمجة وهو يلعب مع روبوت، أو يتقن لغة جديدة عبر محادثات شيقة مع آلة ذكية. الأمر أشبه بوجود معلم خصوصي فائق الصبر ومتاح دائماً. يا لها من إمكانات مذهلة يقدمها الذكاء الاصطناعي في تعليم الأطفال!
ولكن، يبقى التوازن هو سر النجاح. كيف نضمن أن ينمو أطفالنا وهم يملكون أثمن ما لدينا: القدرة على الحب، والتعاطف، والإبداع الذي لا حدود له؟ هذا هو التحدي الحقيقي، وهو السؤال الأهم الذي يجب أن نوجهه لأنفسنا كآباء وأمهات.
ما هي النصائح العملية للتعامل مع الروبوتات في الأسرة؟
إذن، كيف نستعد لهذا المستقبل مع الحفاظ على قيمنا الإنسانية؟ إليكم بعض الأفكار البسيطة للتعامل مع الروبوتات البشرية:
١. شجعوا الفضول التقني: بدلاً من الخوف من التكنولوجيا، شجعوا أطفالكم على فهمها. اسألوهم: ‘كيف تعتقد أن هذا الروبوت يعمل؟’ هذا النوع من الأسئلة يحفز التفكير النقدي والإبداعي.
٢. التوازن هو المفتاح: مثلما نحدد وقت الشاشات، يمكننا أن نحدد وقت التفاعل مع الروبوتات. تذكروا أن اللعب في الحديقة والرسم بالألوان والقراءة معاً لا تزال أنشطة لا تقدر بثمن!
٣. علموهم القيم الإنسانية: الروبوتات يمكنها أن تعلم المعلومات، لكننا نحن من نعلم التعاطف واللطف والصداقة. هذه القيم ستبقى دائماً ميزتنا البشرية الفريدة.
هل مستقبل أطفالنا مع الروبوتات يدعو للتفاؤل؟

أنا شخصياً أرى مستقبلاً مشرقاً! تخيلوا روبوتاً يساعد طفلاً على تعلم الرياضيات بطريقة مسلية، أو يساعد طفلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة على تطوير مهارات التواصل. هذه ليست خيالاً علمياً، بل هي واقع يتحقق أمام أعيننا.
الجميل في الأمر أننا كأهل لدينا الفرصة لتوجيه هذه التقنيات نحو الخير. يمكننا أن نختار الأدوات التي تعزز تعلم أطفالنا وتنمية شخصياتهم، بدلاً من أن تحل محل التفاعل البشري.
في النهاية، الأمر يشبه تعلم ركوب الدراجة: نحتاج إلى التدريب والعجلات المساعدة في البداية، لكننا في النهاية نتمكن من السير بمفردنا. التكنولوجيا يمكن أن تكون تلك العجلات المساعدة التي تساعد أطفالنا على الطيران نحو المستقبل!
خواطر أخيرة من قلب أب

أحياناً وأنا أشاهد ابنتي الصغيرة تكتشف العالم من حولها، أتساءل: أي نوع من المستقبل نصنعه لها؟ التكنولوجيا تتقدم بسرعة مذهلة، لكن القيم الإنسانية تبقى الأهم.
الروبوتات البشرية قد تكون رائعة، لكنها لن تحل محل دفء حضن الأم، أو ضحكة الأب، أو فرحة اللعب مع الأصدقاء. هذه هي الذكريات التي تبني شخصية الطفل وتشكل إنسانيته.
لذا دعونا نرحب بالمستقبل بكل إثارة، ولكن مع الحكمة التي تميزنا كأهل. لنستخدم التكنولوجيا لتعزيز إنسانيتنا، لا لاستبدالها. لأن في النهاية، أجمل ابتسامة ستظل دائماً تلك التي تأتي من القلب البشري!
المصدر: Realbotix CEO to Present at IFA Berlin, One Of The World’s Largest Tech Events، Financial Post، 2025/09/02 11:30:41
