
بينما كنت ألعب مع ابنتي الصغيرة في الحديقة، وجدت نفسي أتساءل: كيف سيُغير العالم الذي تكبر فيه بفعل تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي؟ في هذه اللحظة، صادفت أخبارًا مدهشة: الأعمال الصغيرة في أحيائنا تُحقق طفرة حقيقية باستخدامها لهذه التقنية! هل تعلم أن الابتكار الأقوى قد لا يكون في الشركات العملاقة بل في متجر الجوار الذي تعرفه؟ هيا نتفكر معًا.
من الشارع الرئيسي إلى قلب المنزل: كيف يغير الذكاء الاصطناعي اللعبة

تخيل متجرًا صغيرًا في زاوية الحي، يديره زوجان بشغف، يستخدمان أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة المخزون، وتقديم توصيات مخصصة تُسحر الزبائن، وحتى رفع الأرباح بنسبة 86%! هذا ليس حدثًا بعيد المنال؛ الدراسات تظهر أن 40% من الأعمال الصغيرة تتبنى اليوم أدوات الذكاء الاصطناعي، مقارنة بنسبة 23% فقط في عام 2023. النمو السريع هذا يذكرنا أن الثورة التقنية تبدأ حيث نعيش، لا في أبراج عاجية بعيدة.
كآباء، لا يمكننا تجاهل سؤال يلح في أذهاننا: إذا استطاعت هذه المتاجر المتواضعة أن تبني مستقبلها بالتكنولوجيا، فكيف نُعين أطفالنا على صناعة غدهم بنفس الحكمة؟ الأمر أبعد من مجرد شاشات وأجهزة؛ إنه عن زراعة عقلية تخلق حلولًا إبداعية، تمامًا كما يفعل أصحاب المتاجر الصغيرة عند مواجهة التحديات.
ما الدروس التي يقدمها الشارع الرئيسي عن الإبداع في عصر الذكاء الاصطناعي؟
الشيء الأكثر إلهامًا لي كيف تركز الأعمال الصغيرة على الأتمتة في المهام الروتينية مثل تنظيم المخزون أو خدمة العملاء، بينما تبقى إنسانيتها في المقدمة. هذا يشبه في ذهني طفولتنا حين كنا نصنع ألعابنا من خيالنا البسيط، ونجد المتعة في كل خطوة من رحلة البناء. اليوم، الذكاء الاصطناعي يُتيح لأبنائنا فرصة مشابهة: تعلّم حل المشكلات بلعبة افتراضية، أو تصميم قصة تفاعلية تجمع بين خيالهم وقوة التكنولوجيا.
لماذا لا نختبر ذلك سويًّا في غرفة المعيشة؟ ربما نبدأ بـمشروع عائلي غير رسمي: نستخدم أداة ذكاء اصطناعي مجانية لكتابة قصة خيالية، أو ننظم جدول الأنشطة اليومية بطريقة مسلية. هذه التجربة الصغيرة لا تعزز قيمنا المشتركة فحسب، بل تزرع في أطفالنا بذور المرونة التي يحتاجونها لغدٍ لا نعرفه.
كيف نحقق التوازن بين الذكاء الاصطناعي واللحظات الحقيقية؟

لكن تذكر، ليس كل تطبيق ناجح. أظهرت الدراسات في عصر الذكاء الاصطناعي أن 5% فقط من البرامج تحقق نموًّا سريعًا في الإيرادات، بينما تواجه البقية تحديات. هذا لا يعني أن التقنية خطر، بل يذكّرنا أن النجاح الحقيقي يكمن في الجمع بين القوة التقنية وقيمنا الإنسانية الدافئة. فكّر فيها كـ زميل ذكي في المكتب، لا كبديل لـ ابتسامتك التي تخلع همّ زبونك.
عندنا في المنزل، نحافظ على هذا التوازن ببساطة: بعد جلسة تعليمية ممتعة مع تطبيق ذكي، نخرج لنجري في الحديقة القريبة. هناك، بين أشجار تلامس جبينها شمس الظهيرة، تبدأ ابنتي باكتشاف بذور تتحول إلى قصص خيالية تحت رحابة السماء الزرقاء — تلك اللحظات البسيطة هي التي تبني شخصية وخيالًا يقاوم الزمن.
كيف نستعد لأطفالنا لمستقبل مليء بالذكاء الاصطناعي؟

العبرة الأهم من نجاح المتاجر الصغيرة أن الابتكار لا يطلب موارد خيالية، بل طاقة فضولية لا تعرف الخوف من المحاولة. كآباء، مهمتنا أن نزرع في أطفالنا جرأة التجربة: دعهم يحاولون، يخطئون، ويعيدون البناء من جديد، وكأنهم يلعبون بـ LEGOs لكن بأفكارهم.
فليكن طفلك هو من يقود المسار أحيانًا! اتركه يختار فكرة مشروع عائلي بتقنية بسيطة، أو ينظم جولة مسائية باستخدام خريطة افتراضية. هذا التمكين الصغير يبني جسرًا من الثقة بينه وبين المستقبل، ويعلّمه أن التكنولوجيا خادمةٌ لإبداعه، لا سيدةٌ عليه.
الخلاصة؟ ليست التقنية هي المهم، بل كيف نوظفها مع قيم العائلة لِغدٍ أكثر إشراقًا. كما يقال: ‘أعطه سمكة، يأكل يومًا؛ علّمه كيف يصطاد، يعيش مدى الحياة’. فلنعلم أبناءنا ليس كيفية استخدام الأدوات، بل كيف يصنعون أدواتهم الخاصة بقلوبٍ فخورة ومليئة بالدفء.
Source: Forget Wall Street: The Real AI Winners Are On Main Street, Forbes, 2025/09/03
