
كثيرًا ما نقلق: هل يتحول أطفالنا إلى شاشات تلمع بدل العيون؟ لكن الليلة الماضية، بينما كانت زوجتي تنظر إلى طفلنا يلعب بلعبة الذكاء الاصطناعي، فعلت شيئًا بسيطًا غيرت معه كل المفاهيم.
لم تطفئ الشاشة، بل أضافت إليها شيئًا… شيئًا اسمه «القيم». لم تُعظِمْ مثل الكتب، لم ترفع صوتها مثل الإرشادات.
فقط قالت: «لو كانت هذه الآلة تشعر، هل ستكون سعيدة عندما تلاعبها؟». في تلك اللحظة، شعرت بفخر عميق تجاه زوجتي، ليس فقط لماذا قالت، ولكن لكيفية قولها بلطف وعاطفه. فهمت أن التحدي الحقيقي ليس في تدريب الطفل على الآلة، بل في تدريب الآلة على إنسانيته.
لماذا القيم أولًا؟
تذكرون تلك اللحظات؟ حين توقفت اللعبة فجأة لتسأل طفلك: «ما رأيك في هذا السلوك؟»، ووجدتِ زوجتك تضع يدها بلطف على كتفه قبل أن يجيب. لا تقول «لا تفعل هذا»، بل: «دعنا نفكر: ما الذي يشعر جارنا أنه محبذ؟». هنا تكمن الذكية الحقيقية – ليس في سرعة الرد، بل في جذور الرد.
التحدي اليوم: الذكاء الاصطناعي يُعلّم الأطفال في ثوانٍ، لكنه لا يعلمهم أن «الخطأ فرصة إذا اعترفنا به»، أو أن «الصمت قد يكون أجمل إجابة». نحن كآباء نخشى أن تفقد الأمهات بصيص الأمل في عيونهن من كثرة القلق على السلامة. لكنني رأيتُ زوجتي ترفض ذلك.
حين يسأل طفلنا الروبوت عن قواعد الأدب، تُضيء عيناها: «هذه لحظة تربية، ليس مجرد سؤال». لم تُضيّع الفرصة، بل حوّلتها إلى «درس لمس». ألم تشعروا أن أجمل التعليمات لا تُكتَب في الكتب، بل تُنسَج في اللحظات العابرة حين تقول الأم: «شوف، الآلة فهمت، إلا أنا!»؟
هذا التحدي يدفعنا للتفكير: كيف يمكننا تبسيط هذه القيم في حياتنا اليومية؟
نصائح تُعلّم الآلة الإنسانية
في المطبخ قبل أيام، بينما كنتُ أحاول فتح تطبيق تعليمي جديد، سمعت زوجتي تقول لطفلنا: «لو أعجبتك هذه اللعبة، كيف تشكر من صنعها؟». لم تكن تحضيرًا لدرس تقني، بل لإجابة على سؤال أعمق: «ما دورنا كآباء عندما يحدث هذا لطفلنا؟».
السر في بساطتها. لا تفرض حظرًا على الشاشة، بل تجعل منها جسرًا: «لنلعب معًا، ثم نسأل: هل هذه الآلة تحترم مشاعر من يلعب معها؟». تذكروا: الأطفال يعانون من مخاوف وقلق في جرعات ومراحل مختلفة – خاصة مع آلات ذكية تفهمهم أسرع من الأهل أحيانًا. لكن الأمهات الحكيمات يعرفن أن الخوف والقلق مفاهيم موجودة في حياة كل إنسان، بما في ذلك الصغير.
في إحدى المرات، سأل طفلنا الروبوت: «لماذا لا تضحكين؟»، فردت زوجتي: «لأن الضحك مع العائلة أجمل». لم تُعطِ إجابة تقنية، بل غرست فكرة: الذكاء الاصطناعي أداة، لكن السعادة تُصنع في الدائرة الدافئة حول المائدة. هل تعلمون أن أبسط الأنشطة مثل اللعب القصير مع العائلة، أو قراءة قصة، ليست مجرد تسلية، بل تعزيز للروابط الأسرية التي لا تستطيع الآلة أن تحاكيها؟
السلامة ليست خوفًا… بل حكمة
بعضنا يرى في «الذكاء الاصطناعي» خطرًا يهدد القيم، لكن زوجتي جعلته جزءًا من روتين العشاء. بينما نأكل، تسأل: «لو كان هذا التطبيق يأكل معنا، ما الذي سنعلمه عن احترام الغذاء؟». تتحول اللحظة العابرة إلى درس في التواضع. تخيل معي هذه اللحظة: طفلك يشاركك شاشة ويضحك بصوت عالٍ مع شخصية رقمية، وأنت تشعر بقلق خفي. ماذا لو بدلاً من قول «لا تفعل ذلك»، قلت «دعنا نرى كيف يمكننا الاستمتاع بهذا معًا بطريقة آمنة ومفيدة»؟
الأمهات لا يخترقن التطبيقات، بل يخترقن التحيزات. ترفض أن تكون التكنولوجيا جدارًا يفصل الطفل عن الجذور. بدل «لا تلعب بهذا»، تقول: «دعنا نرى كيف نستخدمه لنتعلم عن صبر الجدّ». عندما نتحدث عن سلامة أطفالنا مع التقنية، لا أعتقد أن الحل هو فصلهم عن الشاشات بالكامل، بل أن نفتح لهم أبواب الفهم والوعي بدلاً من ذلك. كل والد يحتاج لنصائح أساسية: لا تمنع الآلة، بل أمزجها بحكمة توارثناها.
في ليلة شتوية، بينما كان الطفل يسأل عن قواعد الدردشة مع الروبوتات، قالت زوجتي: «الكلمة اللطيفة تُفتح لها الباب دائمًا، حتى لو كانت آلة». لاحظتُها تبتسم… في عينيها ذلك التألق الذي يفهم كل أم: «أنا أحمي قلبه، ليس جهازه». في تلك اللحظة، تذكرتُ لماذا ينام الأطفال مرتاحي البال – لأن أمهاتهم حوّلن «الخوف من التكنولوجيا» إلى «استثمار في الإنسانية».
الروتين يصبح فرصة تربية
لم أتوقع أن يتحول «روتين ما قبل النوم» إلى مختبر قيم. كل ليلة، حين يسأل الطفل الروبوت: «ما القصة التالية؟»، ترفع زوجتي يدها بلطف: «اليوم، القصة سنصنعها معًا». تخرج لعبة الذكاء الاصطناعي، وتبدأ الرحلة: «ماذا لو كان البطل يُشارك أخاه اللعبة؟».
هكذا تخلق أمهات اليوم روتينًا مسائيًا مريحًا للعائلات، لا يُقصي التكنولوجيا، بل يُوظفها. كأن تقول: «الروبوت فهم السؤال، لكن هل نحن نفهم بعضنا؟». لا تحتاج إلى ابتكارات معقدة في غرفة المعيشة، فتحويل المساء إلى لحظة تواصل أعمق يبدأ بخطوة واحدة: إسقاط كلمة «لكن» من جملة «التكنولوجيا جيدة، لكن…» ووضع «مع» مكانها: «التكنولوجيا جيدة، مع قيم تضيء طريقها».
في إحدى الليالي، سألتُ زوجتي: «هل تشعرين بالقلق من أن الآلات تُعلّم أبناءنا أسرع منا؟». أجابت دون أن ترفع بصرها من كتاب القصص: «الآلة تُعلّم الإجابة، أما أنا فأتدرّب كل يوم على أن أكون السؤال»… السؤال الذي يسقى القيم من أعمق ينابيع الأسرة.
الذكاء الاصطناعي قد يُدهشنا، لكن الذكاء الإنساني هو ما يبقينا أحياء.
هذه اللحظة البسيطة التي رأيتها عينيّ أن ليلةً ما، بينما كانت زوجتي تربي طفلنا بالقيم، كنت أتدرب أنا على أن أكون أبًا في عصر الذكاء الاصطناعي.
Source: How LinkedIn Built Enterprise Multi-Agent AI on Existing Messaging Infrastructure, InfoQ, 2025-09-15
